ومن الطبيعي أن يحظى هذا النبأ بردود أفعال شعبية، وسياسية وإعلامية مختلفة. واذا كان البعض من مناصري العلواني قد هللوا وكبروا (لانتصارهم) على ( المالكي)، معتبرين إطلاق سراح العلواني بعد ساعات قليلة من الحبس بمثابة النصر الكبير الذي تحقق على (حكومة الروافض)! أقول إذا كان هذا البعض قد فرح، فإن الكثير من الناس قد صدموا بهذا النبأ المحزن، بخاصة الكتاب والصحفيين والمتابعين الذين لم تزل مقالاتهم، وتعليقاتهم المبتهجة باعتقال المجرم احمد العلواني منشورة على المواقع.. ولعل الأمر الذي جعل الملايين من العراقيين يصابون بالذهول والصدمة أن هناك الكثير من المسؤولين الأمنيين والقادة العسكريين، والصحفيين والمراسلين وشهود العيان قد أكدوا أن أحمد العلواني قد أطلق بيده ستين إطلاقة من بندقيته في مواجهة القوة الأمنية التي جاءت في ذلك الفجر لتعتقل شقيقه القاتل علي سليمان المهنا، فقتل بواحدة منها الجندي الشهيد (دريد). ناهيك عن أن هناك مذكرة قبض قضائية صادرة بحق أحمد العلواني نفسه، وأن هناك حملة نيابية انطلقت أمس الأول لإجبار رئيس مجلس النواب على تطبيق القانون ورفع الحصانة عن العلواني، بعد أن وقف خلف هذه الحملة أكثر من مائة وخمسين نائباً.. فكيف يطلق سراح القاتل الذي يتصدى للجيش، ويقتل أحد أفراده ؟! لكن، وبعد أقل من ساعة، ظهر الفرج على شاشة القناة العراقية، فعمت الفرحة بين الناس، عندما نُشر خبر (عاجل) صادر عن جهاز مكافحة الإرهاب، ينفي فيه إطلاق سراح المجرم العلواني نفياً قاطعاً، فتنفس الناس الصعداء، خاصة وإن جهاز مكافحة الإرهاب الذي يحظى بثقة الجميع، هو الذي أصدر هذا النفي وليس غيره. لذلك مضى الناس لفراشهم مطمئنين بعد سماعهم النفي، وبعد أن تأكد ايضاً من مصادر عديدة، كان من بينها المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء .. إضافة الى مصادر أمنية وبرلمانية أخرى.. نعم لقد مضى الناس الى فراشهم واثقين من أن المجرم احمد العلواني لن يطلق سراحه قبل أن ينال جزاءه العادل على يد قضاء العراق النزيه، ولن يطل عليهم مرة ثانية بوجهه القبيح، وأسنانه الكريهة من منصات الاعتصام الوهابية، ليهددهم بقطع الرؤوس، وتعليق الأجساد على الأعمدة، فيصدم العيون والأسماع والمشاعر مرة أخرى! ولكن، ما بين تلك الطمأنينة التي نَعِمَ بها العراقيون تلك الليلة، وبين الذين ظل الشك يساورهم، خشية إتمام صفقة أمنية سياسية على حساب الحق والعدل، ومشاعر الناس، وعلى حساب الدم البريء الذي سفكه العلواني بيده، بات الجميع يخشى اطلاق سراح هذا القاتل بأعذار جاهزة. ولعل المخيف في الأمر، أن هناك تصريحات عديدة قد أطلقت في محيط هذه القضية خلال اليومين الماضيين، جعلت الفأر يلعب (شناو) في عبي، وعب الكثيرين مثلي، ومنها ما صرح به النائب عن الأنبار خالد العلواني الذي نفى إطلاق سراح زميله احمد العلواني، إلاَّ إنه قال:- (هناك وعود باطلاق سراحه خلال الساعات المقبلة لكننا لحد الآن لم نلمس تنفيذاً لهذه الوعود) !! ومنها أيضاً ما نشرته وسائل الإعلام بعد عقد المؤتمر الصحفي المشترك بين وزير الدفاع وكالة سعدون الدليمي
ومجلس محافظة الأنبار، والذي قال فيه الدليمي نصا:- (إذا رفعت خيام الاعتصامات، فسيطلق سراح العلواني)!! وعلى الرغم من نفي رئاسة الوزراء تكليف الدليمي بالتفاوض مع العشائر، وإنهاء الإعتصام مقابل إطلاق سراح العلواني، وعلى الرغم من دخول الجيش العراقي الى ساحات الإعتصام في الرمادي صباح أمس الإثنين، إلاَّ إني بقيت متوجساً، وغير مطمئن للموضوع قط.. وكي لا أطيل الخوض في التفاصيل، فإني أود أن أقول للمسؤولين جميعاً، وأذكرَّهم بأن صفقة اطلاق سراح العلواني - إذا تمت لاسمح الله - فهي خاسرة، مهما كان الربح فيها، وخسائرها ستصيب الجميع بلا إستثناء، كما ستهز أركان الدولة، والقضاء، والأمن هزاً عنيفاً.. وقطعاً فإن الثمن لن يكون بأقل من نهر من الدماء الجديدة.. فاحذروا عار هذه الصفقة الفاسدة.. وامضوا لمعركتكم الكبيرة مع داعش الإجرام في صحراء الأنبار، وسيكون الله معكم، والعراقيون جميعاً