وما وادي حوران وصحراء الرمادي إلا خير شاهد وبرهان على مهنية هذا الجيش وقدرته العالية في المناورة والانفتاح والتحرك السريع والقتال تحت أسوأ الظروف.
إن لهذا الجيش بماتميز به من قدرات عسكرية وانسانية اعتبارية إلا بما تدرب عليه ولقن به من مفاهيم وطنية وتضحوية خلاقة، وبفضل بما تمتع به من معاني الشرف والرفعة، وبما تميز به من أرقى مبادئ وقيم الجندية والشرف العسكري الرفيع في تعامله مع الأحداث ودقائق الأمور بحكمة وحزم واخلاق عالية رفيعة، فهو الراعي والقوي الأمين والابن البار لهذا الشعب الكريم ولهذا البلد العظيم -بعيدا عن المحاصصة والاتجاهات السياسية والمذهبية والحزبية والعقائدية والأدلجوية -ليس كما كان عليه الحال في زمن القائد الأوحد والضرورة القصوى- فهو جيش العراق والعراقيين، كل العراقيين من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، وعصاه التي يتوكأ عليها في الملمات والمحن- فإذا ماطغى الماء على سبيل المثال وأحدث فيضانا ماقد يضر بمجموعة من العراقيين فتجد الجندي العراقي هو خير من يسعى لتخليص اهله وممتلكاتهم من خطر هذا الطارق وبطشه- وكذا الأمر فيما يخص شرور داعش والقاعدة بصدد القضاء عليهما قضاءا مبرما، وعلى أوكارهما وتطهير الصحراء من دنسهما، وأملنا كبير في أن تمتد هذه الذراع الطاهرة الطهور والمخلصة لتطال مناطق أخرى مماثلة في الوطن قد دنستها براثن هذين المتوحشين وتطهيرهن منهما وإلى الأبد والقضاء العملي والمبرم على الحواضن اللاتي تحتضنهما وتتستر عليهما وتقدم لهما العون وسهولة التحرك والانقلاب.
تتقدم هذه القطعات وهي تحسب ألف حساب لمراعاة الحالات الانسانية للأهالي العزل والسكان المدنيين، والابتعاد عن الأخطاء الحربية الغير مقصودة جهد الامكان، كما وكان تقدمها بمعنويات عالية جدا لم يشهد لها مثيل في تاريخ العراق المعاصر،
ذلك لأن ناتج مجمل قدرة الجيش وكفاءته التي يتميز بها يمثل حاصل ضرب عوامل الأرض وامكانيات التسليح والتجهيز والنقل والمواصلات والآليات، والمأكل والملبس والشجاعة وجميع العوامل ببعضها، ومجمل نواتجها مضروبة مع المعنويات، فإذا كانت المعنويات صفرا فناتج الكفاءة والقدرة يكون صفرا، وهكذا إذا كان الناتج مائة أو أكثر فالمحصلة النهائية ترتقي لهذا الرقم، والتي تمثل كفاءة وقدرة الجيش القتالية والتعبوية.
ومما يزيد في قوة المعنويات وارتفاعها هو الحس الوطني التي تتمتع به تلك القطعات، والثقة العالية بالنفس والسلاح، ومدى ايمانه بالقضية التي يقاتل من أجلها، مضافا إليها التأييد الشعبي والمجتمعي والمكوناتي المنقطع النظير الذي حظيت به القوات المسلحة عند تعرضها لقطع دابر الفتنة وأوكار الظلال وفض الاعتصامات الطائفية، فكان هذا التأييد صفعة ثانية لقوى الإرهاب والظلام، لأنه عبر عن ارادة مرجعيات دينية وشعبية وسياسية ومكوناتية ومجتمعية وعشائرية واسعة، خلا من كان متأزما أو ذا ضمير قلق أو من أرتمى في اوساط أذناب الخيانة والتبعية المارقة التي تدعم الإرهاب بالسر والتي لاتريد الخير لهذا البلد المعطاء.
واولى حسنات هذا التأييد الواسع أن الجيش عندما يتقدم فالذخيرة الحية التي يستخدمها لقمع الإرهاب وإستإصاله هي ليست الأكثر شأنا من ذخيرة التأييد الداخلي والدولي الذي حظيت به القوات المسلحة في قتالها هذه المرة، والذي يمثل عمقا سوقيا وسيتراتيجيا خلف هذه القطعات يسندها معنويا وقانونىا وتاريخيا.
فقد انتقلت قواتنا المسلحة من خلال تنفيذ هذا الواجب من حالة الدفاع إلى حالة الهجوم والتعرض العسكري والانفتاح المباشر والانتشار السريع مما يعيد الجيش لسابق عهده وإعادة هيبته وتنمية قدراته- وهيبة الدولة والشعب- إلى ما قبل الفترة التي سبقت فترة تولي الحكم من قبل صدام الذي مرغ كرامة الجيش بالتراب وانزل سمعته للحضيض بسبب الهزائم النكراء والنكبات التي مني بها الجيش في معارك طائشة رعناء وغير متكافئة.
وعلى الجيش ان أراد أن يحافظ على هذه المكانة عليه أن يعمل مراجعة جدية لتخليص"فلترة" القطعات من الفاسدين والمندسين اللذين يعملون داخل صفوف الجيش وبالظلام لصالح بعض الأجندة المشبوهة، وعليه أيضا أن يقوم بمراجعة جميع الخطط السيتراتيجية والتكتيكية المتعلقة بالتدريب والممارسات الخاصة بالتعبئة والهجوم والقتال الليلي، والقتال داخل المدن والقصبات ومحاصرتها، وأن يتدرب ويجيد أسلوب حرب العصابات بوسائل وخطط وآليات متطورة حديثة تتواكب مع إلى ماوصلت اليه التكنولوجيا العسكرية العالمية المعاصرة ، وعدم ركوب مطايا الخطط والآليات القديمة التي لانضمن من وراء استخدامها إلا الركة في الأداء والبطء في التنفيذ، وبالتالي عدم حسم المعارك لصالحنا وعدم مضمونية النصر والقضاء على العدو بأقل الخسائر والتضحيات.
يجب على الجيش افشال مخططات ومآرب داعش والقاعدة وإدعائاتهما المشبوهة المضللة التي رسختها في عقول الناس بأن العراق دولة ضعيفة وحكومته فاشلة وطائفية وعنصرية فارسية صفوية مجوسية...الخ، لاتنفذ أجندة إيران فحسب بل انها تريد أن تنتقم من السنة وإذلالهم ومصادرة حقوقهم الانسانية والعقائدية.
ووفق هذا التضليل الغير واقعي أصلا، على الجيش أن يثبت العكس من ذلك، ويفضح داعش والقاعدة على انهم العدو الحقيقي لجميع المكونات العراقية، وإن السنة هم ليسوا اخواننا فحسب بل أنفسنا ونحن وإياهم نعيش في وطن واحد على حد سواء لنا مالهم وعلينا ماعليهم.
وعلى الجيش أيضا أن يفضح الدرجة التي بلغتها داعش والقاعدة من الصلف والمروق وإلى ماوصلتا اليه من درجة عالية من الاستهتار والاسراف في ذبح وتقتيل الناس، وابداء المثلة الشنيعة باجسادهم وبالرؤوس بسابقة خطيرة لم يكن لها مثيل في التاريخ، وماأكثر انتشارها في مواقع التواصل الاجتماعي المتنوعة على النت والتي يندى لها جبين الانسانية.
ان هذه الحملة والتي سميت ب"ثأر القائد محمد" نسبة للقائد الشهيد المغدور العميد الركن محمد الكروي قائد الفرقة السابعة كانت بمثابة رد أعتبار للوطن وللشعب وللجيش على أثر مقتله غدرا على يدي عصابات داعش والقاعدة، فكان الشهيد البطل(رضوان الله عليه) رمزا من رموز الجندية العراقية الشريفة ورمزا من رموز الشجاعة والتضحية والإيثار، ورمزا من رموز الشهادة العراقية، وشاهدا يضاف لكوكبة شهداء الأمة، ففي نفس الوقت الذي نأسف فيه لفقدان هذا القائد الكريم وجميع الشهداء الذين لبوا النداء، نقول: "فلرب ضارة نافعة"، ومنافع الحملة كثيرة منها القضاء على داعش والقاعدة، وإعادة الأمن والأمان لأماكن وشرائح عديدة في البلد، كما ساهمت في إعادة الثقة بالنفس والسلاح والقدرات فيما يخص العسكر، والهيبة والاعتبار فيما يخص البلد والدولة والحكومة والشعب بمختلف طوائفه، فضلا عن منافعها الكبيرة في تحقيق التأييد المحلي والدولي الواسع النطاق والالتفاف الشعبي والمجتمعي العراقي بمختلف الأطياف والمكونات، وتوحيد العراق بجميع مكوناته ورموزه الوطنية الشريفة مع بعضها، وتوحيد الصفوف العراقية مع الصفوف السورية لمجاهدة داعش والقاعدة وإستإصال شأفتهما.
فسلام للعراق والعراقيين.
وسلام لجميع الشهداء الذين سقطوا من أجل وحدة وهيبة الوطن.
وسلام لجميع الجرحى الذين فقدوا اعضائهم وعافيتهم.
وسلام على الجيش حين يصبح وحين يمسي وحين يقوم ويقعد.
وسلام عليه في يوم تأسيسه وعيده ال "٩٣"، وكل عام وهو بخير ومزيد من الانجازات والانتصارات.
وتحية لكل ضابط وجندي على مايملكان من شجاعة واخلاص ووفاء وشرف الجندية.
وتحية لكل تحية أداها بعضهم لبعضهم الآخر.
وتحية لكل قطرة دم مخلصة روت هذه الأرض الطيبة فأختلطت بذرات ترابها الطاهر وبدماء الشهداء.
وتحية لكل من سقط ضحية بأيدي الأجلاف وذبح على الطريقة الاموية.
وتحية لكل الجثث والرؤوس التي اضحت مثلة بأيدي داعش والقاعدة والتي تركل بأقدامهم النجسة ككرة قدم.
وتحية لكل عائلة عراقية نكبت بإبنائها.
وتحية لكل جندي سدد سلاحه صوب الهدف فأصابه.
وتحية لكل جندي سدد سلاحه صوب الهدف فأصابه.