المشهد يقف على حافة الانفجار وعلى مسار الحلحلة في ذات الوقت.
يقولون لنا لاتستعجلوا فحتى الآن لم تملأ طوابير النساء والاطفال المسبية الشاشات الملونة، ولم يظهر المسلحون، الطائفيون والارهابيون وفلول الجريمة المنظمة في الشوارع ليقرأوا في المصاحف والمناشير والفتاوى مدوناتهم بتشييع الوضع الامني، القلق اصلا، الى مثواه الاخير، وغير مأسوف عليه.
ولمْ تصل الملايين الثلاثين الى حالة من العطش وبين ايديها غزير الماء من نهرين يمكن ان يسقيان مئات الملايين من البشر.
ولمْ تتحول بعد خارطة البلاد وتشكيلتها ومكوناتها وثرواتها الى خرقة يتقاذفها اسياد الحرب الاهلية الطائفية، وتعلس خواصرها دول الجوار، ويختزلها العالم الى خاتمة من الكوابيس المثيرة، ويشير لها المؤرخون باعتبارها واحدة من المحفوظات او المخطوطات او الذكريات القديمة.
ولِماذا العجلة، وحتى الآن لم تُغلق نهائيا خطوط الاتصال بين المعسكرات السياسية المتناحرة، ولم تتكشف اسنان الضواري التي كانت تنفلت في الشوارع والحارات ومفارق الطرق بين عامي ٢٠٠٥ و٢٠٠٦؟
كما لمْ تزحف الملايين العراقية الى الحدود ومنها الى المنافي وارض الله الواسعة، او الى الخيام او المستوطنات التي ترتزق من تبرعات المحسنين في الامم المتحدة وشفقات مشايخ المنطقة، وتسجل نفسها في وثائق العفو الدولية والصليب الاحمر الدولي كجماعات من غير وطن.
ولِماذا العجلة، وحتى الآن، لم يعلن العالم انه عاجز عن ضبط تدهور العراق نحو الغابة والى احتفالات الابادة، أو ان العالم لايملك قرارا بالتدخل او قرارا بالسكوت، او قرارا بالاحتفاء بما يجري كنهاية لصداع الرأس الطويل، وينصحوننا بالاستسلام لأقدارنا العاثرة؟.
ولماذا العجلة، وان تجار النفط واصحاب الاسواق والناقلات والبورصات لم يدقوا ناقوس الخطر حيال ما يحدث في العراق بسبب انشغالهم بما يحدث في بلدان تقع على مشارفه وهي شريكة له في الحرب والسلام، والامن والخراب.
كل ذلك لم يحدث حتى الآن، لكن شيئا منه سيحدث في حال هرب اصحاب الازمة من الدائرة المستطيلة الى دائرة النار.. وربما سيحدث كله، من يدري؟.
“من الخطأ الاعتقاد ان كل شيء لانستطيع فهمه او استيعابه يُعتبر خطأٌ".