بعد هذه المقدمة البسيطة ، والتي تركت فيها الدخول في نقاش هذه الخلافات ، فهي موجودة ، ومركبة ومعقدة ، ولا يوجد إي علاج لها ، لأنها خلافات عقائدية يعود رحاها إلى ١٤٠٠ عام ، ولا داعي للدخول في هذه المتاهات، كما أن من الطبيعي أن تثير هذه النجاحات السياسية "للشيعة" التي انعكست على الجانب الديني أيضا، مخاوف كبيرة لدى معظم أهل السنة والسياسيين منهم بشكل خاص، الذين بحثوا عن وسائل عملية غير وسائل المواجهة المباشرة التقليدية لوقف هذا المد "المرعب" ولم يجدوا أنجع من الالتجاء إلى وسائل الأعلام، فانشأوا فضائيتي (صفا) و(الوصال) لهذا الغرض، ولم يتركوا فيها تهمة شنيعة إلا وجهها إلى الأغلبية المسحوقة في العراق دون أن يردعهم رادع أخلاقي..
ثم جاءت حرب الانبار ، وما سبقها من تجمعات سميت بساحات التحرير، والتي كانت منابر للسب والشتم من قبل رجال الدين والسياسية السنة ، من السعدي إلى غيرهم من رجال دين يحاولون بث روح التناحر والاقتتال بين أبناء الوطن الواحد ،الى حاتم سليمان ، والى العلواني وغيرهم من رجال الشر الين كانوا في الليل ضد العملية السياسية وفي النهار في علاقة مع الحكومة ، وهي بالتأكيد من دفع وإشعال خارجي وإبطاله (السعودية وقطر وتركيا) ، فمملكة النفط ترى استمرار تغييب العراق سياسياً، وإشغاله بمشاكله الداخلية، ومحاصرته سياسياً بالعزف على الوتر الطائفي، وإثارة الفتنة بين مكوناته، وتأجيج الخلاف بين قياداته السياسية الكردية والسنيّة والشيعية ، هو الطريق الأسلم في جعلها القطب الأوحد في المنطقة لهذا لم تقبل الرياض نصيحة الحليف الأميركي باجتذاب العراق إليها، وحتى لا يذهب في علاقاته بعيداً باتجاه إيران، ولم تقبل بإعادة العلاقات الدبلوماسية التي يتوق لها العراق، فهي والدوحة آخر الدول التي لم تتمثل في بغداد. ما يجعل البعض يقول: من يحاصر من؟ ويدفع بالعراقيين إلى السؤال: ما حاجتنا للسعودية، ونحن بلد نفطي، ولدينا من القوى البشرية ما يجعلنا في غنى عن الآخرين؟
اليوم وحسب التقارير الواردة من ارض المعركة في الانبار ، هناك قتال شرس بين الإرهاب ومن يعاونه من عشائر وضعت يدها بيده ، ضد الجيش العراقي ، والذي هو الآخر متهم بان ولائه للحزب الحاكم ، ومحاولة جره إلى حرباً طائفية لا تحمد عقابها ، فأصبح بين مطرقة الإرهاب وسندان الاتهامات ، فحسب المعلومات الواردة من بعض الضباط أن هناك خيانات من قبل ضباط تمت إعادتهم إلى الخدمة بعد اجتثاثهم ، وهناك الكثير من شراء الذمم بين هولاء الضباط ، فيروي لي احد الجرحى من أبناء الجيش العراقي الباسل ، والذي أصيب بسقوط قذيفة هاون على سريته ، أن الوضع مأساوي ، والإرهاب متعشش في تلك المناطق ، ولا نعلم من أين يخرجون ، فالكل يقاتلنا من عشائر وإرهاب ، باستثناء عشيرتين تقاتل مع القوات الأمنية والجيش العراقي ، كما أن هناك تواطأ واضح مع الإرهاب في هذه المنطقة .
لذا ليس من المناسب على علماء السنة البقاء بهذا السكوت ، فيجب أن يكون لهم موقف محدد من الانبار وحربها ، كما يجب إعلان البراءة من الإرهاب وحواضنه ، والوقوف مع القوات الأمنية لبسط الأمن ، والقضاء على الإرهاب من القاعدة وحلفائها ، كما ان هذا الموقف سيكون له وقع كبير في إفشال كل المخططات السعودية والقطرية ، ومن لف لفهم من سياسيوا الإرهاب الأسود في البرلمان أو الحكومة ، والذي أصبحوا غطاء الإرهاب في العراق .