بتعاقب السنين بعد ذلك تم أكتشاف النفط في عدد من المحافظات، وأيضاً تم أكتشاف أن العراق يمتلك أحتياطي كبير من النفط(بل هو عائم على بحر من النفط)، وأبرز الأبار المنتجة في الوقت الحالي تقع في محافظاتي البصرة وكركوك، يضاف أليها أقليم كردستان العراق، وهناك مناطق كثيرة مستثمرة من قبل شركات عالمية ولكنها لم تدخل مرحلة الأنتاج والتصدير ومناطق أخرى غير مستثمرة.
من البصرة ينتج حالياً(٦٤٥٠٠٠٠٠) برميل شهرياً من أصل (٧٢٦٠٠٠٠٠) برميل حجم صادرات العراق الأجمالية لشهر كانون الثاني لسنة(٢٠١٤)، حسب أخر تقرير منشور لشركة تسويق النفط(سومو)، وهذا يعني أن ما يقارب(٩٠%) من النفط المنتج والمصدر من مدينة البصرة( البقرة الحلوب)، وال(١٠%) المتبقية من حقول مدينة كركوك، فماذا قدمت الحكومة لهاتين المدينتين؟
قدمت الحكومة مشروع القانون((٢١) البترودولار) وينص على أعطاء دولار واحد على كل برميل من النفط لتمويل مشاريع المدن المنتجة بعد مطالبات كثيرة، وكان أقراره في عام(٢٠٠٨) من قبل مجلس النواب، جرت عليه بعض التعديلات فيما بعد وأصبح يعرف بقانون (البتروخمسة دولار)، وتعهدت الحكومة بتنفيذ هذا القانون وتضمينه ضمن قانون الموازنة لعام(٢٠١٤)، لكن ما أن وصلت مسودة القانون الى مجلس النواب حتى تبين أن الموازنة تتضمن دولار واحد، في تناقض كبير وتجاوز على القانون، وأجحاف بحق المدن المنتجة وهضم لحقوقها، مع أن البصرة وكركوك وغيرهما من المدن العراقية؛ التي تنتج (الذهب الأسود)، تئن تحت خط الفقر والتخلف، وتعاني من نقص الخدمات وأنعدام البنى التحتية، وتدني مستوى التعليم والصحة ناهيك عن أنقطاع الكهرباء وملوحة التربة وأنخفاض مستوى الدخل الحقيقي للفرد وغيرها كثير.
بموجب تقرير (سومو) الأخير، تكون حصة البصرة لشهر واحد (٣٢٢٥٠٠٠٠٠) دولار من الخمسة دولار للبرميل، وهو مبلغ كافي لينتشل المدينة من واقعها المرير، ويجعلها بمصاف المدن الخليجية المعروفة على الأقل، وبغضون سنوات قليلة... فهل ستكون البصرة كناقة نبي الله صالح(ع) التي كانت لقومه أية، وكانت تعطيهم اللبن، وأستكثروا فيها الماء فعقروها، فحق عليهم العذاب في قوله تعالى (فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ۖ ذَٰلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ)(سورة هود)(٦٥)، مع أن البصرة هي المعيل الأكبر للعراق، وكيف سيحل العذاب بمن يظلمها؟
أخر الكلام، لو تخلت الحكومة عن مركزيتها، وأعطت أدارة كل مدينة صلاحيتها في التنفيذ دون تدخل، لقطع العراق بأكمله شوط في التقدم والبناء، ولكن فلسفة الأقتصاد العراقي لا تزال غارقة في فكر المركزية(الأقتصادية والسياسية)، ولم يستطيع السياسيون الجدد التخلص منها، بل من زادوا الطين بله...! فأوجب التغيير.
سعد الفكيكي
٢٧ / ١ / ٢٠١٤