أن اعتزال السيد مقتدى الصدر الحياة السياسية كلياً وإغلاق جميع مكاتب التيار الصدري السياسية والدينية والاجتماعية ، لم تأتي من فراغ ، بل جاءت من المنطلق الشرعي وحفاظاً على سمعة ال الصدر ، ومن منطلق انهاء كل المفاسد التي وقعت او التي من المحتمل أن تقع تحت عنوان الصدر داخل العراق وخارجه والخروج من أفكاك السياسة والسياسيين . ان قرار السيد الصدر باعتزاله الحياة السياسية له ضرر جسيم على بعض الجهات وفائدة كبيرة لجهات اخرى فستفقد كتل سياسية بهذا القرار ظهيرا لها في العملية السياسية التي تدعو إلى تغيير المالكي . وستعلو كفة دولة القانون فهي المستفيد الوحيد من هذا القرار في الانتخابات المقبلة . لذا نجد دولة القانون أخذت الصمت إعلاميا من هذا القرار ، وفي داخلها غمرتها الفرحة ، وهي فرصة ذهبية لدولة القانون للمساهمة في انهيار الحكومات المحلية وإعادة صياغتها من جديد ، وفق ما يتناسب مع أرادتها . ولكن تلك الفرحة لم تدوم لان قرار العدول عن هذا القرار وارد بتأثير بعض القوى السياسية المحبة له والكارهة لدولة القانون ومطالبة جماهيره .
أن اعتزال السيد مقتدى الصدر للعمل السياسي جاء نتيجة غضبه على أعضاء كتلته في مجلس النواب والتي تحدت أوامره بالتصويت بالموافقة على فقرة الامتيازات الخاصة للمادة ٣٨ و٣٧ من قانون التقاعد العام . وما لحظات من إعلان اعتزاله إلا وهب اعضاء الكتلة الصدرية في مجلس النواب بتقديم استقالتهم من مجلس النواب وفق قرار انفرادي أو جماعي وقرروا الانسحاب فيما قرر البعض الاخر الانسحاب من العملية السياسية وعدم المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة تضامناً مع قرار زعيم التيار وفي الحقيقة ان هذه الانسحابات فقط في الأعلام وليس لها وجود على الواقع . وبهذا الانسحاب اثبتوا إنهم ليسوا نواب الشعب بل نواب الصدر ، ويجب عليهم البقاء في مناصبهم إلى نهاية الدورة النيابية ، ومن يكون ولاءه للصدر لا يترشح للانتخابات المقبلة تضامناً معه .
أن قرار اعتزال السيد الصدر من العملية السياسية هو قرار كإرثي ويجب تداركه لكي لا يحدث فراغ سياسي . وكان الأولى به إقالة النواب من كتلته الذين صوتوا على المادة ٣٨ و٣٧ من قانون التقاعد والإبقاء على المخلصين في الخط وليس معالجة الأمور بتقديم اعتزاله ، وهذا ما يؤدي إلى ظهور الدكاكين الدينية لركوب الموجة لسد الفراغ بعنوان مرجعي أو استيراد مرجع مفصل على مقاسات البعض .
لقد أعلن الصدر عدم تراجعه عن قرار اعتزاله ، وبهذا أصبح الاعتزال حقيقة بعد أن ظن الاخرون أنه خيال .