وهذا امر طالما نبهنا عليه، بان المطلوب قلب المعادلة النفطية الريعية.. وترك السياسات التي برهنت عن فشلها لعقود طويلة.. باحتكار موارد البلاد، وتدمير بقية القطاعات، وتكريس سلوكية وفلسفة "الاموال السهلة"، وتعطيل دور الشعب والمجتمع والاقتصاد الاهلي.. وقلنا مراراً ان الازمة ليست ازمة قرارات وسياسات وردود فعل بقيت في اطار الدائرة الريعية، بل ازمة بنيانية تكرست طوال عقود جعلت البلاد تعتمد فقط على ايجابية الميزان التجاري الذي توفره الصادرات النفطية، لتعتاش البلاد –بالمقابل- على الاستيرادات. فالمطلوب قلب المعادلة.. ووضع الثروة بيد الشعب العراقي يمول بها دولته، وهي دولة المواطن وليس دولة المسؤول.. لتنطلق القطاعات الحقيقية العامة والاهلية.. الزراعية والصناعية والتجارية والخدمية والسياحية والاستثمارية، الخ.. ولتحقيق معدلات النمو المناسبة، ليس عبر الثروة النفطية فقط، بل اساساً القطاعات غير النفطية للقطاعين العام والخاص.. والاستثمارات الداخلية والخارجية، وان يلتفت اولاً لميزان المدفوعات، وليس الميزان التجاري فقط.
ويقدر "صندوق النقد" ان الموازنة الحالية تعاني من عجز يقدر بـ ٠.٧% من الناتج الوطني الاجمالي في العام الماضي.. وهو اول عجز حقيقي منذ ٢٠١٠، بعد فائض مقداره ٤.١% في ٢٠١٢. وان اسعار النفط ستشهد ميلاً للانخفاض في السنوات القادمة.. وفي تقرير سابق انتقد "صندوق النقد" سياسة العراق الاقتصادية بـ "التخطيط والتنفيذ السيء للموازنة، والصرف الواسع خارجها، ومعدلات استثمار واطئة، وثغرات جدية في التقارير المالية".
وذكر (سدراليفيتش) بان "على العراق ان يحفظ استقلالية البنك المركزي من سياسات الحكومة.. وان تبقى ادارة احتياطيات البنك مستقلة عن ادارة اموال الخزينة (صندوق تنمية العراق).. فالاحتفاظ باستقلالية البنك المركزي امر مهم للغاية.. فهي ضمانة استقرار معدلات الصرف، والتي بدورها تعتبر ركيزة مهمة للاقتصاد العراقي".