وكأن فقاعة إبنه وغيرها من الفقاعات المبهمة التي تحدث عنها العامري في بيروت لم تكن كافية فقد أطلق فقاعة كبرى مدوية، مرت من دون أن يرصدها العراقيون المتفاخرون بحدة البصر والبصيرة وحاسة الشم، فقد صرح العامري قائلاً:
" أنا أعطيت موافقات على زيادة رحلاتها (يقصد طيران الشرق الأوسط اللبنانية) على مسؤوليتي الخاصة قبل أن نوقع العقد فيما بيننا، ومن ثم توقيع العقد لهذه الغاية"، وهكذا أقر العامري بأن الوزارة وما تمثله من مصالح عراقية "مسؤولية خاصة"، يقرر بشأنها ما شاء ومتى ما شاء ويطلق الوعود نيابة عنها لا جزافاً مثل فقاعات هواء وإنما وعداً مسؤولاً، ومتى ما عقد الوزير العزم فلا حاجة لاجتماع الطرفين العراقي واللبناني ليتباحثا حول الموضوع ويتوصلا إلى اتفاق يحقق مصالحهما الوطنية ويضمنا محتوياته في عقد بينهما، ويبدو بأن هذه الخطوات والاجراءات الفنية والقانونية والدبلوماسية المتعارف عليها بين كل دول العالم مجرد شكليات في قاموس الوزير السياسي والإداري، فهو يؤكد بذلك بأنه المتصرف الأول والأخير في وزارة النقل وكافة نشاطها وكأنها إرث أباءه وأجداده وعلى "مسؤوليته الخاصة".
لا بد لنا من الاتفاق مع العامري في توصيفه لما حدث بإنه فقاعة، لسبب بسيط وهو غياب الرقابة على سلوك ساسة العراق الذين يرفضون حضور جلسات مجلس النواب والرد على استجوابات النواب وأسئلتهم واستخفاف المشاركين في العملية السياسية بمصالح وأراء العراقيين، وفي الوقت الذي يستعد العراقيون المحكومون بالطائفية والقبلية لإعادة انتخاب نوابهم الفاسدين يتضح بأن الفقاعة كبيرة ولا تقتصر على العامري ووزارته ولا ساسة العراق فقط بل تحوي النظام السياسي الحالي بأجمعه، وهي كما يستدل من رائحتها الكريهة فقاعة خرجت من مؤخرة الكيان العراقي المريض.
(للإسلام غايتان عظمتان هما الإحياء والاصلاح، ووسيلة كبرى وهي التعلم)