أمر في أول يوم جلوسه على الكرسي بمنع تداول مياه الشرب المعدنية داخل مجلس الوزراء، بما في ذلك المياه المقدمة له شخصياً، واستخدام مياه الشرب العادية. كما قرر، في لحظتها، إلغاء موكب رئيس مجلس الوزراء أثناء التحركات والاكتفاء بسيارة واحدة. رأيه ان كان ماء الحنفيات الذي يشربه عموم الناس ملوثاً، فعلام يستثني نفسه منه. وان كان صالحاً للشرب فلم لا يشربه بنفسه؟ بالعراقي: ما كو لحم غالي ولحم رخيص. أتسمع يا من استرطبت خضار الخضراء ونعومتها؟ غبطت الناس بمصر وتمنيت لو يحظى العراق بحاكم يحمل عشر معشار حس هذا الانسان الذي بدأ أيامه الأولى يتجول بين الناس ويتوقف عند السيطرات ليرى كيف حالها وكيف يتعامل أفرادها مع الأهالي. قرر الرجل هذا، ومصر بحسابات المال لا تقارن ميزانيتها حتى بالحلم مع خيرات العراق وميزانيته "المتلتلة". كم عراقياً وعراقية يشربان من ماء الحنفية المحرم شربه على مسعدي ومسعدات الحكومة الجدد؟ وكم عراقياً وعراقية يستجديان في هذه اللحظة التي تقرأون بها عمودي هذا والدولارات الخضر كأنها بطون حيات تتلاقفها الجيوب التي لا تشبع والضمائر التي لا تهتز؟ "عتريس" الذي حدثتكم عنه وتذكرته امس، كي يعود "زي ولاد البلد"، وأحفاده وعياله " كما أي عيل فى عيال ناس البلد"، ان أراد ذلك حقا، فعليه ان يحذو حذو محلب. اما ان يستجدي هو وأطفاله ما دام هناك طفل عراقي واحد يستجدي، او يحرر الفقراء من فقرهم بفضل أموال البلد وليس أمواله، أو لا نسمع لوم لائم او لائمة ان انتقدناه وحده وليس غيره كل ليلة وكل يوم. و "عتريس" كي يتخلص من صورة "العترسة" او "الغترسة" كما يسميها الكاتب الإيراني أمير طاهري، أما أن يخاف كما يخاف أهلها من المفخخات ويعيش بينهم في شوارعهم او في اقل الأحوال ان لا يدعي بان البلد في أمان. ان كان، كما يدعي، فعلام لم نجده يتمشى عشر خطوات لوحده خارج الخضراء؟ ان كان منا ويريد ان يحكمنا حتى لو لألف ولاية وليس ثلاث ولايات، ليبات في الحمراء حاله حال الناس. أما ألمي حين سمعت بقرارات محلب المصري فلأنه ذكرني بعبد الكريم قاسم. يوم اتهموه ان الحنطة التي وزعها على الفلاحين مسمومة، كان لوحده مع سائقه فقط يمر بمدينة الثورة التي أسسها ويتناول رغيف الخبز الذي أعطته إياه أم زيارة. أراد القول ان كان الخبز مسموما فلأكن من بين المسمومين. وكان قبل محلب يشرب من ماء الحنفية حتى بدون "كلاص" او "طاسة" بل براحتي يديه أو "كركاحتها" كما يقول اهل العمارة. كم وددت ان التقي محلب لأقول له ان الذي تفعله اليوم فعله قبلك عراقي زاهد اسمه عبد الكريم قاسم قبل اكثر من ٥٠ عاما. لماذا جاءنا ابن قاسم في ذلك الوقت الخطأ؟ أليس هذا هو يومه؟ بس: "منين أجيب الجابته أمي" كما يئن سلمان المنكوب