وقتها تذكرت أحد وزراء الصحة من العهد البائد الذي سُأل عن تطور الطب في العراق، وبما أنه لا يعرف شيئا عن الطب ولا يعرف أصلا أن كان الطب في العراق وقتها متقدما أو متأخر، فأسترسل قائلا: أن دليل تقدم الطب في بلدنا أنك اليوم لا تجد طبيب لا يرتدي زيه الرسمي في العمل "الصدرية البيضة" ووقتها تم التصفيق له من قبل المتملقين والخائفين حتى ظن أن كلامه صحيح.
نعم في الحقيقة هنالك الكثير من البنايات الجديدة لوزارة التعليم العالي، ولكن المصيبة أنه بالرغم من المبالغ الخيالية التي صرفت عليها، لم تنجز وصف المواصفات الهندسية للبنايات الجامعية في وقتنا الحالي، ولا ضمن المواصفات القديمة التي بنيت جامعاتنا على أساسها في السبعينيات ومطلع الثمانينيات، فمن الممكن وصف هذه البنايات على أنها مدارس نموذجية لا أكثر ولا أقل.
وأتمنى من سيادة الوزير زيارة هذه المباني بعد سنة واحدة من افتتاحها، ليفاجئ بتكسر الأرضية، وعطل أكثر الصحيات، ووجود تصدع في الجدران، والسبب هو تسليمها لمقاولين غير ذوي خبرة، والبعض منهم هربوا بدون أنجاز العمل لعدم مقدرتهم على أكماله أصلا.
وفي حقيقة الأمر كل ما ذكرته في الأعلى غير مهم، فحتى لو بنيت المباني وفق أحدث التصاميم الهندسية فهي لن تسهم بتطوير التعليم العالي في العراق، لأن مقياس تطور الجامعات والأساس الذي يمكن أن يتقدم على أساسها ترتيبها العالمي، هو مقدار إنجازها العلمي أي عدد بحوثها المنشورة في المجلات العالمية ومشاركة الباحثين فيها في المؤتمرات والمحافل العالمية، ولو صرفت مبالغ البنايات على هذا الجانب المهمل لتقدم التعليم العالي فعلا في العراق.
وفي نهاية الأمر، وفقط للإيضاح اعتذر بشدة للسيد الوزير عن مقالي هذا، ولم أكن لأرد على هذا البيان المهم أصلا، لو تم وضعه في مكانه الصحيح في ردود إعلام الوزارة بدل نشره في أخبار الوزارة في جميع الجامعات والملحقيات الثقافية.