وعندما نتحدث عن مانديلا فذلك لاثبات امرين اساسيين اولهما منهجه في المطالبة بحقوق ابناء جلدته وثانيهما مدى تواضعه ونزوله لواقع الحياة والعيش كواحد من الناس بصفته الانسانية الواقعية لاغير ولعله كان كثيرا ما يردد هذه العبارة (انا مجرد رجل عادي أصبح قائدا في ظروف غير عادية) والحقيقة فهو لم يخف أي جانب مظلم في شخصيته بل أعلن مرارا أنه يكره تصويره كقديس. وأكد مرارا وتكرارا أنه إنسان له اخطاء عديدة ولن يكون الملاك الذي يريده العالم أن يكون عليه. مانديلا كان رجلا عاديا دافع بقوة عما كان يؤمن به حتي استطاع تغيير العالم من حوله وهو ما نفتقر اليه ونحن نعيش في وسط ملغوم كشعوب عربية يصور القادة والحكام على انهم من صنف الملائكة ولايمكنهم الوقوع في الخطأ او سوء الادارة وقلة الخبرة ولعلنا ونحن نسوق هذا المثال الحي نريد ان نقارن بين ما عنده من حنكه وما عند زالكثير من زعمائنا في اطار تجربة عايش كثيرون منا تفاصيلها واعجبوا باصراره على مقارعة نظام الفصل العنصري فلم يصبح زعيما بمحض الصدفة او بلعبة سياسية وانقلاب عسكري او وراثة عرش الاباء والاجداد انها عقود من الكفاح والسجن والتعذيب والتغييب والتهديد بالتصفية ومع ذاك كله فتجربته جديرة بالوقوف عندها وتأمل تفاصيلها فلم
يكن يلجأ لتسقيط الاخرين بالبحث في تفاصيل حياتهم الشخصية بل كان يحارب منهج القهر والاستبداد والتمييز كفرد ينتمي لجماعة وليس سيدا لها لذلك نال الاحترام والتقدير غير اننا لانرى كل ذلك من اشخاص كانوا يقولون انهم منا بل ان بعضهم راح يفر للماضي وينتقي من شخصياته الناصعة ابرزها ليتشبه بها في محاكاة غريبة يصعب تصديقها فقد شبه المقبور صدام نفسه بصلاح الدين وسعد ابن ابي وقاص وعمر ليعبر عن انتمائه الطائفي ويدفع بالمتعاطفين مع هذه الشخصيات من ابنائها لعبادته ولا اريد الخوض فيما ذهب اليه من تقديسه لنفسه واظهار نرجسيته باضفائه صفات واسماء والقاب وصلت الى التسعة والتسعين ليعلن الوهيته امام مرأى ومسمع العالم باجمعه وعلى النقيض من ذلك فقد اختار المالكي ان يكون مختار العصر وقائد الزحف بل شجاع الشيعة واشتر دولة الامام علي عليه السلام وغير ذلك وكلاهما لايريد الاعتراف بانه انسان ينتمي لطبقة الجمهور ونابع منها فالاستعلائية وتمييز الحاكم نفسه يجعل النخبة تدرك داء العظمة الذي يعيشه هولاء ومدى حبهم لانفسهم وانانايتهم في التعامل مع الجميع بما فيهم المقربين لانهم مجرد ادوات تصنع المجد الزائف وتضفي البريق وتسلط الضوء على شخص الحاكم الذي ينشغل بهذه الامور تاركا العامة في الميدان لوحدهم ان لم ينسجموا مع هذا الطرح وان قالوا به فهم عند ذاك اسرى غروره لانه لا يفكر بهم الا من منطلق الراعي وهم الغنم وعليهم ان ينساقوا خلف رغباته وامام اوامره ونواهيهه وللاسف هذا هو الفرق الذي نتحدث عنه بين مانديلا ابن الشعب وصدام والمالكي قادة الشعب !!! فالاول خلده الافارقة والاخرون سيذهبون الى مزبلة التأريخ لانهم اهتموا بالالقاب على حساب العمل
وتطوير واقع الشعب وربما بعد صدام بطل الحفرة القومية ستصدق توقعات ابراهيم الجعفري الذي قال ان المالكي ينتظره مصير كمصير مرسي الذي يرزح في سجن العسكر في مصر بالرغم من اننا لانريد ذلك بل نريد ان يغادر المشهد السياسي بهدوء بعد الانتخابات البرلمانية القادمة ليفسح المجال لمن هم اكثر نزاهة وكفاءة منه وهو ما سيحدث ان تقبل الواقع وكف عن محاولات فرض نفسه بالقوة ...