أتمنى عليك عزيزي القارئ أن تعيد معي عقارب الساعة إلى صباح يوم ٩ أيلول عام ٢٠١١ وتتأمل معي الصورة المنشورة لتشييع هادي المهدي، ودقق جيدا في القوات الامنية التي اصرت ان تغلق الطرق ومنعت نقل جثمانه، في ذلك اليوم خرجت علينا الزعيمة حنان الفتلاوي لتؤكد ان جريمة قتل هادي المهدي جنائية لا تحتاج كل هذه الضجة، وان الاعلام المغرر به يريد ان يصطاد بالماء العكر، ومازال موقع غوغل يحتفظ بالمقولة الشهيرة التي اطلقها احد اعضاء دولة القانون "لماذا كل هذه الضجة الإعلامية على مقتل محرض للفتنة وعصابي وشيوعي بعثي من أمثال الصحفي العراقي هادي المهدي؟".
لقد عشنا جميعاً من قبل مع العرض الذي قدمه اعضاء دولة القانون في شتم الاعلام والتحريض عليه ومعهم السيد رئيس مجلس الوزراء الذي وصف الإعلام بانه "وسيلة للكذب والتشهير والتسقيط والدجل ومحاولات تفكيك الوحدة الوطنية" و " ان وسائل الاعلام تنفذ اجندات خارجية " حسب قوله في مؤتمر حقوق الانسان، وكلنا يتذكر كيف انحاز المالكي الى صولة الحاج كامل الزيدي ضد مثقفي شارع المتنبي ليخرج علينا في شهر تشرين الاول من عام ٢٠١٠ شاتما المثقفين واصفا اياهم بانهم يروجون لكتب الإلحاد والرذيلة وكتب الجنس الرخيص.
وشاهدنا كيف ترقرقت الدموع في أعين السيد قاسم عطا وهو يتهم متظاهري شباط من الشباب ومعهم منظمات المجتمع المدني وإعلاميين بانهم يريدون الاجهاز على العملية السياسية والمشروع الديمقراطي في العراق ، ولازالت حالة الدروشة التي اصابت النائب علي العلاق ماثلة للعيان وهو يصرخ ضد المتظاهرين الشباب: "انهم خونة"، وقبل أن يحاول البعض تفسير الموضوع باتجاهات أخرى فإنني مع الاقتصاص من قاتل الشهيد محمد بديوي، وايضاً كتبت في هذا المكان ضد جريمة قتل هادي المهدي وكامل شياع ومدرب كربلاء، لكنني اتحدث عن منهج يتبعه الكثير من السياسيين وقادة دولة القانون بالذات، من الذين لا يعترفون بالاعلام حين يختلف مع مصالحهم ، ويرون أن الحل في أزمات العراق هو في اغلاق الصحف والقنوات التي لا تغني اناشيد "نحبك والله نحبك".. ولازالت قضية تفجير مقر جريدة الصباح الجديد وتهجير كادرها "حاضرة" في اذهان الجميع، وكيف صمت مكتب القائد العام للقوات المسلحة، ولم نسمع همساً للحاجة حنان الفتلاوي ولا كلمة مواساة من قبل السيد علي العلاق، بل شاهدنا كيف نشر احد النواب تهنئة بموت الفنان احمد الربيعي.
هذا التضامن مع الشهيد محمد بديوي أمر مهم، لأننا جميعا ضد انتهاك حرمة المواطن العراقي ايا كانت صفته، إلا أن الغريب ان رئيس مجلس الوزراء و أصحاب "المعالي" من اعضاء دولة القانون أصيبوا بداء "البكم والصم" إزاء الحادث الاجرامي الذي تعرض له الشهيد كامل شياع قبل سنوات، بل اصروا ان تحفظ هذه الجريمة البشعة في الادراج ويُمنع نشر أي تفاصيل تتعلق بها؟ ووجدنا القائد العام للقوات المسلحة يصم أذنيه عن مطالبة المثقفين بالكشف عن نتائج التحقيق في قضية هادي المهدي؟
أليس من حق المواطن العراقي كامل شياع مثلما من حق المواطن المغدور المهدي ان يخصص لهما السيد المالكي جزءاً من وقته لمعرفة، لماذا حصل كل هذا، ومن المسؤول عن هذه الجرائم ؟ أليس من حق "الضحية العراقية" ايا كانت قوميتها او طائفتها او دينها أن تلتفت الحكومة لمناقشة الاسباب التي ادت الى قتلها واهدار دمها وكرامتها؟
للاسف يتصور المالكي ومن معه بانهم يخاطبون شعبا من البلهاء، يستخدمون معه أساليب التنويم بالخرافات والشعارات، تحت وابل من أحاديث انا وليكم الاوحد فاتبعوه.
السيد المالكي.. الناس يريدون إجابة على سؤال يؤرقهم، وهو لماذا لا نجد صوتاً حكومياً يقول انا ولي دم هادي المهدي وقبله كامل اشياع، ومعهم عشرات الالاف من الضحايا، والسؤال الاهم: لماذا كل خطوات ائتلاف دولة القانون تحركها دوافع نفعية؟!