لكن بقيت الحكومة غير مهتمة بما يجري !!وانتشرت بعد ذلك لجان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من قبل القاعدة والداعشيون لارهاب الاهالي وتاكيد حضورهم في الشارع . فمثلا من يشتبه في بطلان صلاته يجلده مقاتلو "داعش". ليكون لهم سطوة على المجتمع هناك, وهذه الحوادث تعيد إلى الأذهان عمليات الإعدام الجماعي والنحر الذي كان يقوم به مسلحو القاعدة تحت إطار المحاكم الشرعية التي شكلت في المدينة القبلية المحافظة بعد سنوات قليلة من إسقاط نظام الطاغية صدام.. وتركت ساحات الاعتصام لهواها من دون ردع بسبب مقتضيات السياسة ذلك الوقت على حساب استقرار البلد والدم العراقي !
ان ازمة الفلوجة قاربت العام لكنها لم يكن هناك حل حقيقي لها مجرد ترك للامور تجري كما هي , من دون علاج حقيقي . ومع قرب الانتخابات تفاجئنا بعملية عسكرية كبرى تجري في الانبار ككل , ودفع الامور مقتل قائد الفرقة السابعة الكروي فاصبح شماعة للحركة كقميص عثمان . وشدت الحركة انتباه العالم الخارجي باعتبار تواجد خطر الدواعش وانتشار اخبار عن تنظيم خطير مهيئ عدة وعدد , وتصريح السادة المسؤولين بوجود دعم خليجي للدفع بالامور نحو تناحر طائفي . مع تسريبات ان اعلان الدولة الاسلامية كان وشيكا . وكان هناك شبه اتفاق على ساعة الصفر . لولا العملية الكبرى التي افشلت مخططات الدواعش .. هكذا صور الاعلام القضية تحويل المسار من حكومة فاشلة متقاعسة عن مهمتها لا تملك رؤية للحل الى حكومة منقذة للبلد من خطر الدواعش !! .
وجرت العمليات العسكرية بضخامة مع دعم امريكي ووصول شحنات من الاسلحة لدعم العمليات . لكن مع تواصل الاعمال لم يتم الانتهاء ولليوم الفلوجة بيد الدواعش ! وباقي اطراف المحافظة يشهد عمليات ارهابية , والدم العراقي يسيل بكثافة .والحرب لم تحسم بعد . فحجم الاضرار الجانبية للعملية كبير جدا ، خاصة أنمنطقة العمليات تتصف بالميوعة ويختلط فيها أبناء القبائل المسلحة المدنيين وعناصر القاعدة.انها فوضى كبيرة لا تنتج حلا للازمة !
ونجد تصريحات غريبة لبعض الساسة ومنها تصريح عضو للجنة الامن والدفاع البرلمانية حاكم الزاملي على ان العمليات العسكرية ستحسم خلال يومين وسيتم طرد جميع الارهابيين من الدواعش مع ان الارض لها كلام اخر لا يتطابق مع هذه الاخبار البرلمانية الغريبة . فالحرب لازالت قائمة ولم تحسم لحد الان , والخطط المتبعة اثارت الاستياء الجماهيري . او يحدثنا سياسي خبير اخر عن تحرير ٩٠ بالمائة من الارض !! كانهم يعيشون في بلد اخر !
ودخلت واشنطن على خط الاحداث بقوة اولا من خلال التاييد وثانيا عبر ارسال شحنة من الاسحلة لدعم العمليات الجارية في الانبار . ثم اخيرا بزيارة وكيل وزير الخارجية الامريكي وليم بيرينز حيث تطرق اللقاء عن اسباب عدم حسم المعركة فكان الرد بالخوف على المدنين مما اجل الحسم . مما يدلل على غياب الرؤية العسكرية للحسم منذ البداية والموضوع مجرد عامل مهم للفوز بالانتخابات وتسقيط المنافسين . والدعم الامريكي يدلل على اهتمامها الشديد ببقاء الامور في العراق على نفس النسق من دون تغيير . ولذا كان تاييدها باعتبار اعطاء صك الاستمرار في الايام القادمة للحكومة الحالية ..
بل حتى المؤتمر الدولى ضد الارهاب والذي عقد في بغداد كانت بعض الاهداف التي اقيم منها تحشيد تاييد دولي للحكومة القائمة في عملياتها باعتبارها تدافع عن المنطقة ككل ضد الاعمال الارهابية . وهذا الامور تسير بنسق التاييد لولاية ثالثة للمالكي . بالاضافة كحدث يفيد الحملة الانتخابية خصوصا ان الانتخابات على الابواب وهذا الامر غير غائب عنهم بالتاكيد ولا مكان للصدف في السياسة .
فازمة الفلوجة وجدت ليس للحسم بل لتحقيق اهداف سياسية .
اولا ليس هي معركة نظامية وانما عبارة عن حرب عصابات في سياقها العام لذلك يصعب الحسم ، ومثل هذه الحروب لاتخضع لقوانين وقواعد الحروب العسكرية النظامية، ولهذا السبب فأن الحكومة العراقية لايمكنها استخدام كل وسائل وادوات القوة التي بحوزتها، لان ذلك سيفضي الى وقوع خسائر بشرية كبيرة في صفوف المدنيين .
ثانيا : نعتقد باستحالة الحسم الان حيث ساهمت المواقف المتذبذبة لبعض العشائر-ومازالت تساهم-في اضعاف تحركات وجهود القوات الامنية والعسكرية الحكومية من جانب، وتوفير مساحات كبيرة للجماعات الارهابية للتحرك والمناورة .
ثالثا: لابعاد النظر عن فشل الحكومة وتصويرها تقاتل الارهاب دفاعا عن المنطقة ككل , وهذه الصورة المختلقة تجد متلقي سعيد ومبتهج ومؤيد لهكذا حكومة مع تناسيه الغريب فليس الموضوع اكثر من متاجرة بقضايا البلد ودماء العراقيين في سبيل تحقيق مكاسب سياسية وانتخابية تديم وجودهم على قمة الهرم .
رابعا: من يرفض الحل العسكري سيتم تصويره بانه داعم للارهاب ومتخاذل وغير مهتم بمصلحة العراق . فهي عملية تسقيط للخصوم وليس لانهاء الحالة المرفوضة في الفلوجة .