المرجعيه ومن منطلق منع الاحزاب من استغلالها دعائيا اعلنت انها تقف على مسافة واحدة من الجميع, وهذه خطوة جردت هذه الاحزاب من المتاجرة باسمها وحدت من استمالة الناخبين وخداعهم, والمرجعية لم تكتفي برفع شعار التغيير في اشارة الى فشل رئيس الوزراء "نوري المالكي" في ولايتيه السابقتين وضرورة ايجاد البديل لانقاذ البلاد والعباد من السقوط في هوة سحيقة يقودهم اليها المالكي باصرار وعناد, وانما خاطبت ايضا العقل الجمعي ونبهته الى مخاطر العزوف عن الانتخابات وتكريس النزعة التسلطية لدى المستأثرين بالحكم ومحاولة افراغ الديمقراطية من محتواها, وسعت الى غرس الثقافة الانتخابية لدى الناخبين وتحميلهم مسؤولياتهم وتجنيب البلاد استمرار الفاشلين والفاسدين في الحكم.
والمتتبع لخطب المرجعية وتصريحات ممثليها يلحظ انها كانت على الدوام تستقرئ مكامن الخلل في اداء الحكومة وتنبه اليها مرارا حتى انتهى بها المطاف لتوصد الباب في وجهها وترفض استقبال اي ممثل عنها بعد أن قطعت الشك باليقين من أن لا امل في اصلاح هذه الحكومة او تحسين اداءها, وأنها كانت تستغل لقاءاتها الاستعراضية مع المرجعية لأيهام العراقيين بتأييد المرجعية لهم, ومتابعة المرجعية الدؤوبة للاداء السيء للساسة وتراكم الاخطاء دون بارقة امل للاصلاح وتبنيها مطالب الشعب بالاصلاح جعل منها حارسا امينا لحماية حقوقه, واول هذه الحقوق هي نشر الثقافة التوعوية الانتخابية بين العراقيين وغرسها في عقولهم, وتشذيب اختياراتهم بتحديد مواصفات الكفاءة والنزاهة والوطنية لتكون اسس المفاضلة بين المرشحين.
تعاطي المرجعية الرشيدة بهذه الطريقة مع موضوع الانتخابات كانت دعوة ذكية للتغيير الناعم تجنبت فيها التصادم مع المتنفذين في السلطة. من الذين يتحينون الفرص لتأزيم الاوضاع السياسية والامنية وخلق حالة من اللاأستقرار الامني والسياسي تفضي الى اتخاذ قرارات تطيل امد بقاءهم في السلطة, وجردت الأحزاب من المتاجرة باسمها وتحميلها أوزار الفشل, وكسرت حالة الاحباط بحث الناخبين من المحبطين والذين يشكلون قوة التغيير على المشاركة الفاعلة في الانتخابات, وحرمت الطرق اللامشروعة التي يتبعها المرشحين لخداع الناخبين وتركت للناخب حرية الاختيار وفق الاسس التي حددتها لتنمية قدراته الانتخابية, ولم يتبقى للناخب سوى التمعن جيدا في وصايا المرجعية والاخذ بها واعادة تقييم اداء الاحزاب والكتل للفترة السابقة للتمييز بين الصالح والطالح, والحذر من ان يلدغ مرة ثالثة.