قامت المفوضية بخطوة مفاجئة كان عليها ان تشاور اكثر قبل الاقدام عليها.. فالامانة في عنقها كبيرة.. ولا تستطيع ان تلجأ، وقبل اسابيع من الانتخابات، للخلاص الذاتي ولاساليب الحافات الحادة للضغط من اجل اخراجها من إشكال حقيقي. عليها ان تقرر بهذا الاتجاه او ذاك او خليطاً منه.. فهي صاحبة قرار. فقد يتضرر بعض المرشحين بسبب مظلومية تقع عليهم.. وقد تخالف امر قضائي يحمل رائحة التسييس.. لكن المظلومية ستكون اعظم بتعطيل الانتخابات.. عندها تكون مسؤولية المفوضية اعظم.. وستفقد شرعيتها ومبرر وجودها.
اما البرلمان.. فقد يقدر البعض ان فرصه الانتخابية باتت ضعيفة.. فيتحول الى صانع ازمات.. فيصرح، ويهيج، ويثير بما يفسد البيئة الانتخابية ليستمر في مواقعه اطول فترة ممكنة.. وبدون الانتخابات ستسقط ايضاً شرعية البرلمان والقوى. بل ان هذه الشرعية بحاجة ماسة الى التجديد بعد الطعونات الكثيرة التي تعرضت لها.
واخيراً وليس اخرا، فان بعض اطراف الحكومة قد يفكر بان تعطيل الانتخابات قد يعني فترة اطول في السلطة.. فان لم تجر الانتخابات فان الخيط الرفيع للشرعية سينقطع.. ولن يكون وضع الحكومة افضل مما هي عليه حالياً.. فستضطر للعيش مع برلمان لا تمتلك اغلبية فيه، كما تبرهن التصويتات للعامين المنصرمين.. او ستضطر للعمل على حل البرلمان والعمل كحكومة تصريف شؤون يومية وكسلطة امر واقع. وهذا الخيار سيكون الاسوء.
حل البرلمان يحصل في حالتين.. الاولى، ان يصوت هو نفسه على حل نفسه، اما بقرار منه او بطلب من السلطة التنفيذية.. والثانية بحلول موعد الانتخابات.. فان حل نفسه فالدستور يشترط ان تجري الانتخابات خلال ٦٠ يوماً.. اما الحالة الثانية، فيتكلم بها بعض "العباقرة" مستندين ان دورة البرلمان هي اربع سنوات تقويمية.. علماً ان تحديد امد الدورة هو لمنع الحكومة او البرلمان للتمديد لنفسه.. ولضمان اجراء الانتخابات في مواعيدها، لا لتعطيلها او تأجيلها. فالانتخابات اذن لا محيص عنها.. وبغيابها تنتهك الشرعية تماماً.. وان حصل ذلك، لا سمح الله، فسيفرح الارهاب واعداء الشعب، لاننا نكون قد اسقطنا بانفسنا ما عملوا على اسقاطه، بشتى الوسائل، وسيكون الخاسر الوحيد الشعب والعراق.