فتدهورت الزراعة التي كانت من اهم مصادر الخزينة الى مستهلك اساس لها.. وتحول الاكتفاء في الغذاء واللباس الى شبه اعتماد على الخارج.. مثلت الزراعة، منتصف القرن الماضي، اكثر من نصف الناتج الوطني، فتراجعت الى اقل من ٢%.. وازداد التصحر بنسبة ٥%سنوياً من الاراضي الصالحة. واصابت الامراض معظم الاشجار –ومنها النخيل.. وتدهورت اعمال البزل وتربية الحيوانات وكمية و نوعية المياه بسبب شحة المياه وسوء الاستخدام. صرفت مليارات الدولارات للاصلاح، دون نتيجة تذكر. واطلقت قبل اعوام مبادرة رئيس الوزراء الزراعية (٥٠٠ مليون دولار) ولم تغير الكثير. فما هو تفسير التدهور وفشل اي اصلاح؟ تكمن المشكلة في غياب نظام العلاقات الزراعية وغياب الحقوق والدوافع داخله. بدون البدء بتنظيم ذلك سنستهلك المزيد من الجهد والاموال... وسندفع نحو الاتكالية وخراب الارض وتدهور المياه وهجرة الانسان. هناك ثلاثة مرتكزات متلازمة اساسية .. الاول.. تحديد طبيعة ملكية الارض وشروط الاستثمار الطويل.. فعدا العام والمشاع والوقف وغيرها، لابد ان تجد الملكية طريقها للارض الزراعية لتشترى وتباع كاي ملك عقاري. تبدأ الدولة بتمليك الاراضي التي خصصها الاصلاح الزراعي لمستحقيها.. وتفتح باب التمليك والاجارات الطويلة لكل من يريد استصلاح الارض، مع ضريبتين.. الاولى ضريبة العقار المرتفعة لدفع المالك للتخلي عن الارض او للقيام بالاحياء.. والثانية ضريبة الدخل التشجيعية للاستصلاح والاستثمار. الثاني.. تنظيم الية بسيطة مباشرة للتمويل تعتمد "الذرعة" والشراء على الاخضر.. تاريخياً، لعب التاجر هذا الدور.. وبعد غيابه لم تتمكن المصارف والجمعيات من القيام به، مما افقد العملية واحدة من اهم حلقاتها.. يمكن تأسيس صناديق تمويل في كل محافظة او صندوق وطني تساهم به الدولة وغيرها، والتجارب العالمية كثيرة في هذا المجال. الثالث.. ضمان شراء المنتجات الزراعية والحيوانية باسعار مغرية ومربحة، مع حساب كلف الوقود والبذور والاسمدة والمكافحة، الخ. الارض لمن احياها.. والمال بضمان الانتاج.. والربح بضمان السعر، هي كلمات السر في اصلاح زراعي وحيواني وفي الحياة الريفية. اصلاح ضخم، بكلف تبرر الاستثمار والعمل، واجدى مما نبذله اليوم.. لتصبح من البديهيات الامور الملازمة كالارشاد ونظم الري وتوفير الحاجيات."