وفي البداية لم نعرف السبب الحقيقي لكل ذلك، وتصورنا انا وزملائي ان شيئا ما قد حصل في مكان اخر ووصلت اخباره الى الحضور، وبدأ الشيخ بألقاء كلمته دون ان يعبأ بما يجري وسط الحضور، وبعد قليل عاد الهدوء الى القاعة الكبيرة، وركز الحضور انتباههم الى كلمة الشيخ التي تناول فيها الاسباب الحقيقية وليس الظاهرية الشكلية للازمات الاقتصادية والامنية والسياسية التي يعاني منها العالم، وتحدث الشيخ لاكثر من ربع ساعة، وما ان انتهى حتى عجت القاعة بتصفيق حار، وعند نزوله من منصة الخطابة، تقدم اليه شخصيات مختلفة للسلام عليه.
وبعد انتهاء تلك الجلسة، ومن باب الفضول استفسرنا بطريقتنا الخاصة وبعد ان اخبرنا الشيخ بما حصل، فتبين لنا ان الحضور حينما رأوا شخصا معمما ومن العراق الغارق بالفوضى والمتصدر لنشرات الاخبار بسبب اوضاعه الامنية السيئة ومشاكله السياسية، اعتقدوا ان ذلك الشيخ المعمم رجل متطرف لايعرف الى لغة العنف والتطرف، ولم يتصوروا انه رجل سياسة ورجل دولة من الطراز الاول، حتى ان بعضهم قال بغضب من دعا هذا الرجل الى هنا، ومن طلب منه ان يتحدث، لكن ما ان بدأ بالكلام من على المنصة بطريقة فيها الكثير من الاتزان والهدوء وحسن المنطق وعمق الافكار وتشخيص دقيق للمشكلات حتى انتبه الجميع لما يسمعوا وهو عكس ما كانوا يتصورون، وقد صرح البعض منهم للشيخ في كل ذلك في وقت لاحق واعتذروا له، واستغربوا كثيرا حينما وجدوا ان تلقى ما قالوه له عن تصوراتهم عنه بكل هدوء وبلا انفعال.