نحنُ اتباع المرجعية ,بشرط ان لا تتدخلَ في السياسة وتشخص مواطن الخلل فيها.
اذا ضُرِبَ احدٌ على قفاه,فتح فمَه بأعلى صوته :- لماذا لاتتدخل المرجعية؟ اليس على العالِم ان يُظِهرَ علمه,المرجعية التقليدية ,لاتواكب العالم ,لاتنزل الى الشارع ,نائمة ,لاتدري مايدور حولها.
فأذا تدخلت المرجعية,صار المراجع ثلاثة,لان الشيخ النجفي هاجم رئيس الوزراء علنا,وأظهر علمه وتحرَّك على الساحة,وبذا فقَدَ - بمهاجمته المالكي - احد شروط الاجتهاد في الرسالة العملية لحزب الدعوة وهو ان يسبِّح بحمد شخص رئيس الوزراء ويقدس له, ولكن هل فقده في حساب امام العصر روحي له الفدا؟
فليت الذي بيني وبينك عامرٌ ....... وبيني وبين العالمين خرابُ
يقول بعضهم في احد تعليقاته على الفيس مامضمونه
١- ان ما قاله الشيخ النجفي هو بأعتقادي رأيٌ سياسي لافقهي
٢- وهو بذالك تبنى وجهة سياسية معينه
٣- وعليه فهو بالتالي يتحمل تبعات هذه الجهة حسناتها وسيئاتها.
٤- وبهذا فهو قد اصبح مرجعاً لهذه الفئة دون غيرها.
٥- وخلاصة هذا الامر ان الشيخ الذي خبرته السنون وعركته الايام والذي سمَّر عينيه في سطور احاديث اهل البيت نحو ثلاثين سنة او اكثر فتعلَّم منها الحكمة,وصارت له من خلال عشرته مع كلماتهم النورانية شمَّة عرفانية في معرفة معاني احاديثهم هذا العالم الرباني وقع في الفخ الذي لم يقع فيه سعد,لان السياسة تريد له ان يتبنى العراق بكل مكوناته,والدين يريد له غير هذا,وفي عالم اللعبة السياسية كان عليه ان يتبنى موقف سعد وليس موقف الرسول محمد صلى الله عليه واله
ولكن اتدرون من هو سعد؟
سعدٌ ليس شخصا بعينه,انما هو افرازٌ لمعطيات الصراع بين قلوبنا معك وسيوفنا عليك,وهو ماتمخض عنه الصراع الازلي بين المصلحة الشخصية او الفئوية وبين العقيدة.
سعدٌ قائلُ هذه النقاط الخمسة التي تقدَّمت,والذي رثى الشاعرُ الجاهليُ عقله فقال
أوردها سعدٌ وسعدٌ مشتملٌ ..... ماهكذا توردُ ياسعدُ الابل
واليوم سعدٌ الذي لم يحسن ايراد الابل ولم يتعلم من الدرس جيدا,اخذ يعطي درساً للمجتهد كيف يتحدث , فواحسرتاه على بلد يكون فيه الجاهل المركب استاذا للعالم الجهبذ.
والظاهرُ انه حنفي الفقه فهو ياخذ بمقولة ابي حنيفة الذي كان يقول :قال محمدٌ - يقصد رسولَ الله صلى الله عليه واله ,وانا اقول وهل الدين الاَّ الرأي الحسن,فهو ايضا يقول:- قال المرجع الفلاني وانا اقول وهل الدينُ الا ان لاتقع في فخ السياسة .
ان اولياءَ الله تعالى لاخوفٌ عليهم لانهم بمعية الله تعالى ,تلك المعية الوجودية التي لايستشعرها الا اولياء الله الصالحون, فما يزيدهم تفرق ابناء الدنيا عنهم ضعفا, ولاينقصهم تنصَّلُ المارقين من مسؤوليتهم الشرعية قوة, وهم لايحزنون الاَّ ذلك الحزن المقدس على الفضيلة المعذَّبة والقيم المهدورة, حزنٌ مقدسٌ من سنخ حزن الرسول الاعظم صلى الله عليه واله على قومه ان لايكونوا مؤمنين ,وان لا يكونوا واعين بطبيعة المرحلة التي هم فيها والتحديات التي يمرُّ بها المذهب.
لذا لاتتعجبوا كثيراً حين يكون مثل عدنان الزرفي محافظاً للنجف الاشرف عاصمة التشيَّع ومنجبة اساطين المذهب,لانه عرف ان مبادئهم تشترى بجهاز ايباد صيني,وان سعر الواحد من مثقفيهم من خريجي الكليات هو حفلة تخرج يقيمها له المحافظ الموقر.
لذا لاتستغربوا كثيراً ان تختصر النجف الاشرف بكل ثقلها الديني والعلمي بالتمن والقيمة النجفية وطرشي الحبوبي ودهين (ابو علي) لان هؤلاء لايعرفون روحية النجف ماهي,ولان القادم من غير محافظة اليها يوصيه اهله بان يجلب لهم دهين ابي علي بدلاً من الرسالة العملية,فلما وهنت منزلة النجف الاشرف وهنت منزلة مراجع الدين فصار سعدٌ مرجعا دينياً حاله حال غيره يفتي بالحلال والحرام.
ولما عرِفَ رجال الدين ان هؤلاء القوم الذي سعر الواحد منهم ثمنٌ بخسٌ دراهم معدودة,وان الدين لعقٌ على السنتهم,سكتوا على مضضٍ على مايجري في شارع الروان تحت انظار من سرق غيرتهم على المدينة فصاروا خنازيرها,وجعلهم يرقصون في شارع الروان فأضحوا قردتها,ومن ثم توقعوا بعد سنتين او ثلاث ان يكون الرقص في المدينة القديمة قرب ضريح امير المؤمنين عليه السلام,وسيقول أنذاك قردة المدينة وخنازيرها ومعهم سعد:- اين المرجعية الدينية لم لاتحرِّك ساكناً؟ اليس على العالم ان يظهر علمه؟
لقد كان اية الله العظمى السيد محسن الحكيم في طليعة الثوار الذين حاربوا الاستعمار البريطاني تحت قيادة اية الله الحبوبي قدس سرهما,حاربها بالفعل قبل ان يحاربها غيره بالقول ,فلا احد يزايده على شجاعته وعظمته فرأى من خذلان الناصر ماجعله ينحاز بالحوزة العلمية عن السياسة والسياسيين لانه يعرف قذارة المسؤول ونفاق الرعية,وكان دائماً يقول للسيد الخميني قدس سره ان القوم ما ان يدفعوا الدماء ثمناً للعقيدة حتى يتخلُّوا عنَّا,لذا فشل السيد محمد باقر الصدر في تفجير الثورة الاسلامية في العراق, ونجح السيد الخميني في تفجيرها في ايران,ولانهم كانوا يبخلون بالدَّم رموا تبعات الفشل على اكتاف مرجعية السيد ابي القاسم الخوئي قدِّس سره,وقالوا ان سبب فشل تحرك السيد الصدر قدس سره لان المرجع الاعلى في وقته السيد الخوئي لم يؤيدها,والقائل هو النعماني في كتابه (أيام المحنة) مع انه أثر الحياة الدنيا ولم يستشهد مع السيد الصدر قدس سره فكان كمن شاهد وقعة الطف نقل الواقعة ولم يحسن الوقيعةَ,وسمع الواعية ولم يبصر الوعي.والطريف في الامر ان السيد الخوئي لما أيَّد الانتفاضة الشعبانية ايضاً فشلتْ مع انه كان المرجع الاعلى في وقته وهرب الجميع الى خارج العراق وجعل المرجعية في الساحة لوحدها في مواجهة الطاغوت,وصار
الهاربون مجاهدين والسيد الخوئي هو الساكت والمتخاذل.
ولما أصدر اية الله الشيرازي الكبير فتوى التنباك أطاعته الامة الايرانية بأجمعها لدرجة ان زوجة الشاه كسرت نركيلة الشاه التي كان يدخن فيها التبغ,وتحرر الاقتصاد الايراني من تبعية الاقتصاد البريطاني ببركة هذه الفتوى,في حين لما امر المرجع الاعلى للشيعة في وقته السيد ابو الحسن الاصفهاني الناس بالعصيان المدني لااكثر ضد الحكومة الملكية العميلة لبريطانيا- وأظن المناسبة تحرك الجيش العراقي ضد الاحتلال البريطاني في مايس ١٩٤١ بقيادة صلاح الدين الصباغ ورفقائه - لم يسمع الناس لقوله وأول من كسر فتواه شيوخ العشائر الذين اغراهم الملك فيصل بالمال,
وفي حين كان تلامذة اية الله السيد الخميني يستشهدون بين يديه كاية الله الشهيد بهشتي ورفقائه والشهيد المطهري وغيره ,كان تلميذ السيد الصدر العراقي محمد رضا النعماني يكتب كتاب ايام المحنة الذي هو عبارة عن صفحاتٍ مسمومة ضد السيد الخوئي,فالتدين عند بعضنا نحن العراقيين ان تسّبَ المرجعية وتشتمها ,في حين انه عند الايرانيين ان تبذل الغالي والنفيس دونها,ولاجله اشتهر عن حوزة قم انها حوزة جهادية حركية في حين ان حوزة النجف حوزة تقليدية جامدة ,مع ان الواقع خلاف هذا وان الحوزة المقدسة النجفية اعطت من الدماء نهرا سقت به شجرة الدين,ومن المداد بحراً سطَرَت به براهين العقيدة.
اللهم احفظ حوزتنا من كل من اراد بها السوء,واحفظ مراجعنا العظام من لسان سعدٍ وارائه,واحفظ نجفنا المعلَّى من نظرة الناس المادية لها,واجعلها باب مدينة علم نبيِّك بمحمدٍ واله الطيبين الطاهرين.