العملية السياسية في العراق مرت بمصاعب ومتاهات وانفاق مظلمة ، دهاليز كثيرة لم نسبر اغوارها نحن العراقيين خلال اكثر من اثنا عشر عاما من الديموقراطية المفرطة حد الفوضى ، عرفنا خلال هذه السنين العجاف التي ظننا انها سمان الكثير من السياسيين والمتكلمين وحتى المتحذلقين ، عرفناهم وسمعناهم وتلذذنا احيانا بحديثهم المنمق واسلوبهم المحبب ، عرفنا ان منهم من لا يميز بين الآية القرآنية والحديث النبوي الشريف ، وان منهم من اوجد اصطلاحات حديثة اصبحت فيما بعد متداولة في لغة الضاد ، منهم من كان يحكي ما نفكر به ومنهم من كان يقرأ الافكار ، في العراق رأينا رجالا ضيعوا الحق لانهم لا يعرفون كيف ينصفونه وآخرين نصروا الباطل بلباقتهم وصوروه للناس حقا ، ولأن للحق الكلمة العليا واليد الطولى فانه غالبا ما ينتصر حتى وان قل اتباعه ، وبانتصاره يفرح العقلاء ويحزن ويتلعثم الحمقى هم والهتهم التي يعبدون من دون الله .
في كل بلد تكثر فيه الاحزاب والقوى السياسية هناك متحدث باسم الحزب او الكتلة ، ونحن في العراق عرفناهم وإلفنا اصواتهم واشكالهم وحتى طريقة دفاعهم وترويجهم للكتل التي ينتمون اليها ، ولكن ما يلفت الانتباه ويدعو للتساؤل هو كيف تختار هذه الاحزاب والكتل ناطقيها الاعلاميين ، وعلى اي المعايير تستند في ذلك ؟ ، الا يفترض ان تكون هناك شروط وصفات وقياسات في عملية الاختيار ؟، الا تعلم هذه الكتل ان مواقفها وتوجهاتها ستعرف من خلال هذا الناطق ؟ وان اي مشكلة او خلل في الناطقية الرسمية هو خلل في الحزب نفسه ؟.
قطعا هناك صفات يجب ان تتوافر في الشخص المكلف بهذه المهمة البالغة الاهمية ومنها انه يجب ان يكون عارفا بامور السياسة ملما باللغة واسلوب الحديث والتحاور ومسيطرا على اعصابه في حالات الغضب والتوتر ومستعدا للاجابة عن اي سؤال او استفسار وان لا يترك شاردة او واردة تفوته وان يكون سريع البديهة ذو مظهر لائق ، وكل هذه الصفات وجدتها عند بليغ مثقال ابو كلل الناطق الرسمي باسم كتلة المواطن فقد كان بليغا جدا في شرح وتوضيح رؤية كتلته وكان مقنعا جدا للمستمع اللبيب وخير من يمثل كتلة في خضم هذا الفقر الواضح في عملية الاقناع ابان فترة ماقبل وبعد الانتخابات.