هكذا هو عمل السحر، وفي النهاية هو ورطة ووبال على صاحبه والعامل به، ومع إن غالب من يعمل في السحر ويستعمله ويلجأ إليه هن النساء فإن للرجال رغبة على الدوام في تحقيق المصالح والمكاسب وتوفير القدر الممكن من الحماية اللازمة لهم في مواجهة المخاطر المحدقة بهم من قبل الأعداء والساعين للإطاحة بهم، وفي أفريقيا القارة السوداء يشتهر السحرة في القبائل المنقطعة ويمارسون أعمالا عدة تبدأ من حلاقة الرأس، الى معالجة الصداع، وقد تنتهي بإجراء عمليات جراحية بدائية، ثم معرفة الطالع وتلبية متطلبات ملك القبيلة.ويحكى عن زعماء في الشرق الأوسط مارسوا السحر وتسخير الجن بإستثمار قدرات خاصة يملكها بعض المشتغلين به والمدربين عليه الذين يحكمون ممالك من الجن، وربما كان لدى الواحد منهم عشرة آلاف جني وجنية يوجههم الوجهة التي يريد كان يعملون له على تقريب وجهات نظر متخاصمين، أو غلبة فئة على أخرى، وإسقاط احدهم بالقاضية وتدمير حياته، ومنهم من يريد الفوز بالإنتخابات، أو كما يرى صديق إن بعض المرشحين سخروا الجن والحاكمين عليه لحمل الناس على التصويت لقوائمهم حتى إني شاكسته وقلت له، فعلا فأنا ذهبت في يوم الإنتخابات الى محطة التصويت وصوتت لفلان بدون وعي مع إني كنت لاأرغب بالتصويت له، ويرى هذا المرشح إن الملايين من الناس في العراق كانوا تحت تأثير السحر عندما خرجوا صبيحة الثلاثين من أبرل الماضي للمشاركة في الإنتخابات النيابية العامة، وإنهم كانوا موجهين دون شعور ليختاروا طرفا سياسيا بعينه لايحيدون عنه، ومنهم من كان يكره هذه الجهة وذاك المرشح لكنه إنساق للتصويت له وخضع لسيطرة الجن المسخر من قبل ساحر سوداني يمتلك قدرات خارقة في هذا الشأن وهو ليس شأنا إنتخابيا بالتأكيد ولاصلة له بالديمقراطية العراقية الناشئة.
يرفض الناس مثل هذا القول ويعدونه إهانة لهم فهم صوتوا للجهة التي يرون فيها ضمانا لحقهم وإحتراما لإنسانيتهم وهو تصور طبيعي في حياة كل إنسان يراقب المشهد، وربما كان لديه ولاء سابق حتى مع فشل الجهة التي يصوت لها لكنه يصوت في كل الأحوال مادام مؤمنا بنهجها متيقنا من شرعيتها وإلتزامها بمايراه حقا لايحيد عنه، وليس مستبعدا لجوء الناس الى طرق مبتكرة وحتى بالية مع حجم الهوس الذي أصاب قطاعات واسعة من الشعب تطمح للوصول الى البرلمان بعد أن ساد شعور غير مسبوق بأهمية الوجود في السلطة لتحقيق منافع شخصية لاتتحقق في ظروف عادية وهو ماجعلهم يتخبطون في ممارساتهم وسلوكياتهم وطريقة تعاطيهم مع الأحداث والتطورات على الأرض، وصاروا مستفزين للغاية وبحاجة لنوع من السكينة لم تتوفر فلجأوا الى أساليب السحر الإعلامي والمالي والوظيفي وسحر الوعود والعهود التي يعلمون جيدا إنها قد لاتتحقق لكنهم فكروا بأمر غاية في الأهمية يبعد عنهم شبح الشعور بالذنب وهو... إنني عملت ماعلي لكني لم أستطع فعل شئ.