وقد ظل هذا الصرح الذي رسمه هذا الامام الهمام الذي يصادف اليوم الثالث من شعبان المعظم ذكرى ميلاده المبارك والميمون ، يصدح في ربوع المعمورة وأضحى مناراً وضاءاً يهتدي به جميع الاحرار والمقاومين في كل مكان ولن يقتصر على المسلمين الشيعة لوحدهم ليسطروا الملاحم والانتصارات الواحدة تلو الاخرى بل تعدت حدود حتى العالم الاسلامي وتمسك به غير المسلمين ايضاً ليحققوا ما كانوا يصبون اليه طيلة عقود بل قرون طويلة في الحرية والاستقلال.
فلا تزال صرخة "غاندي" مؤسس الهند الجديدة ورائد مسيرة استقلالها تكتسح الـتأريخ وتدوي في سماء الذين ينشدون العيش السليم والحرية وهو يقول:"لقد طالعت بدقة حياة الامام الحسين، شهيد الاسلام الكبير، ودققت النظر في صفحات كربلاء وإتضح لي أن الهند إذا أرادت إحراز النصر، فلابد لها من إقتفاء سيرة الامام الحسين"، ويضيف\:"لقد تعلمت من الحسين كيف أعيش مظلوماً فأنتصر" .
أو كما قال "محمد علي جناح" مؤسس دولة باكستان.."لا تجد في العالم مثالاً للشجاعة كتضحية الامام الحسين بنفسه واعتقد أن على جميع المسلمين أن يحذو حذو هذا الرجل القدوة الذي ضحّى بنفسه في أرض العراق".
فمدرسته (ع) هي مدرسة الحياة الكريمة ورمز المسلم القرآني وقدوة الأخلاق الانسانية وقيمها ومقياس الحق.. ومن هذا المنطلق نرى ان الشعوب التي تمسكت بهذا النهج القويم والصرح العظيم بلغت ذروة الانتصار والاعتلاء ، فها هي الثورة الاسلامية المباركة التي تعيش عامها الثالث والثلاثين مرفوعة الرأس شامخة الى عنان السماء يشهد العدو قبل الصديق بتطورها وتقدمها وصمودها لتمسكها بمدرسة الامام الحسين عليه السلام في التضحية والعزة والكرامة كما رسم نهجها الامام الخميني /قدس سره/ والذي قال في هذا المضمار "كل ما لدينا من عاشوراء".
وما الانتصارات الباهرة التي سجلتها فئة قليلة من أبناء الضاحية لحزب الله من ابطال المقاومة الاسلامية اللبنانية على عدو مدجج بالسلاح كان يقال عنه "انه لا يقهر" وارغموه على الهروب والتقهقر في ظلام الليل الدامس عام ٢٠٠٦ وتغطي بذلك على كل الذل والهوان والاستهانة والمهانة والركون والركوع التي كانت تعيشها الأمة العربية طيلة ستة عقود لسجل قادتها الفاشل والمنهزم ، ماهي إلا صورة اخرى من انتصار الدم على السيف .
وقد تعلمت المقاومة الفلسطينية هي الاخرى هذا الدرس وحققت خلال ٢٢ يوماً وحرب الثماني أيام مالم تحققه القضية الفلسطينية طيلة أكثر من ٦٠ عاماً في تأليب الرأي العام العالمي ضد الكيان الصهيوني وتآزره مع الحق الفلسطيني المغصوب ليعيش الكيان اللقيط حصاراً سياسياً وعزلة عالمية لم يشهدها من قبل وتتجه الشعوب العالمية حتى الأوروبية منها في تسيير اساطيل الدعم والعون والمساعدة للشعب الفلسطيني الأعزل متجاوزة بذلك كل المخاطر والمخاوف.
وما الانتصارات التي تشهدها الثورات العربية الفتية في ربيعها المتواصل من تونس وحتى اليمن مروراً بمصر وليبيا كانت لن تشهد نور النصر والعزة والكرامة ما لم تتمسك بمنهجية ومدرسة الامام الحسين بن علي عليهما السلام في التضحية والفداء والعزة والكرامة وكما وصفها "وليم لوفتس" الآثاري الانكليزي.. "لقد قدم الحسين بن علي أبلغ شهادة في تاريخ الانسانية، وارتفع بمأساته الى مستوى البطولة الفذة" أو كما قال الباحث الغربي الشهير "جون أشر".. " إن مأساة الحسين بن علي تنطوي على أسمى معاني الاستشهاد في سبيل العدل الاجتماعي..".
وسيسجل الشعب البحريني المظلوم والأعزل المتمسك بالمدرسة الحسينية في القريب العاجل هو الآخر انتصاره بمشيئة الله تعالى وقدرته على نظام آل خليفة الطائفي والاحتلال الوهابي - السعودي - الخليجي رغم ما يملك من قوة سياسية وعسكرية واقتصادية وهو اليوم تحت وطأة مطاليب الشعب في الحوار الوطني وإن كان يريد الالتفاف على الثورة من خلال خطاباته الشكلية التي لا تعالج مشاكل البلد الحقيقية.