وبقدر ما تبدو هذه الانتقادات متأتية من منطلق الاحترام والتقدير الكبيرين للاتحاد الوطني الكردستاني، إلا ان مطلقيها غابت عن بالهم مجموعة من الحقائق، في مقدمتها ان “الاتحاد” في الأصل هو تجمع ضم ثلاثة تيارات فكرية رئيسية، كل منها كان له تنظيمه. وثانياً ان تنظيم الحزب طالما مارس الديمقراطية واشبع الأمر مناقشة قبل اي قرار، وليس لديه من مقدسات سوى المصالح العليا لكردستان والعراق، وثالثاً أن معطيات العصر وتجارب الديمقراطيات العريقة تعتمد تعدد مرشحي اي حزب لمناصب الدولة، لتتم التصفيات قبل حسم الحزب لاختيار مرشحه، بناء على مؤشرات رأي الحزب وجماهيره، وهذا ما نشهدهه في انتخابات الرئاستين الأميركية والفرنسية مثلاً.
وهكذا فان طرح اسماء عدة مرشحين من قيادات الاتحاد الوطني لمنصب رئيس الجمهورية ليس ظاهرة ضعف أو انقسام، إنما تعبير عن تعميق التناول الديمقراطي بشفافية للتنافس البناء على منصب خطير في الدولة العراقية. وتأتي خطورته من توصيف المادة ٦٧ الفرع الأول من الفصل الثاني للدستور: “رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن، يمثل سيادة البلاد، ويسهر على ضمان الإلتزام بالدستور، والمحافظة على استقلال العراق، وسيادته، ووحدته، وسلامة اراضيه، وفقاً لأحكام الدستور.”
إن ما طرح المقصود منه ان لدى الاتحاد الوطني مرشحين جديرين بثقة العراقيين والبرلمان الاتحادي لتولي مهمة رئاسة الدولة، الذي برهن على انه حريص على سلامة العراق بمنهجه وممارسات قائده الرئيس جلال طالباني، ورفاقه، وتلامذته ملتزمين بالنهج ذاته في التمسك بوحدة البلاد على اساس قيم الدولة الاتحادية المدنية الديمقراطية. كل من المرشحين له سجله الحافل في تأكيد هذا الالتزام، دون ان يعني هذا تطابق الكفاءة والخبرات، لكن ممثلي الشعب وجماهير العراقيين يعرفون مدى تمسك قيادات الاتحاد بقيم النضال من اجل الديمقراطية وضمان حقوق كل المكونات، بجانب الكفاءة العالية في تحري نقاط الاتفاق في اشد لحظات الخلاف، ثم التهدئة ولم الشمل، بجانب المنجزات في العمل الحكومي والجماهيري، سواء في الإقليم أو الدولة الاتحادية، وهو سجل حافل يعزز فرص مرشحه للفوز بأصوات البرلمان. مع ملاحظة حقيقة اساسية وهي ضرورة ألا يكون رئيسا الجمهورية ومجلس الوزراء من مكون واحد، على الأقل في هذه الفترة الحرجة، مع مقارنة الخبرات والمواهب داخل الاتحاد الوطني في غربلة الحزب لمرشحيه، وتحقق التوافق الوطني في البرلمان للتصويت لمرشح الاتحاد الوطني لضمان المسيرة المثمرة ذاتها التي اختطها الكردستاني العراقي جلال طالباني.