لاشك ان اعادة فاعلية القوة الجوية امر ضروري.. لكن في اطار اولويات عسكرية واقتصادية وسياسية.. فالارهاب هو اليوم الخطر الاساس.. والاولوية للسمتيات والاستخبارات وقوات الاقتحام السريع واجهزة الرقابة والرصد. المقاتلات لن تصبح فعالة قبل ٢٠١٦.. وتتطلب تدريبات مكثفة .. وتهيئة منظومات القيادة والمراقبة والرادار والملاحة، في اطار القوة الجوية، وفي الجيش ايضاً.. وبهذا المبلغ –ولتوفير المقاتلات اللازمة- كان بالامكان شراء ضعف العدد من الميغ-٢٩ الروسية (نظيرة اف-١٦، وكلفة الواحدة بتواريخ متقاربة ٢٩ مليون دولار).. اضافة لتوفر القدرات الفنية وخبرات الطيران والملاحة بشكل افضل واسرع، لامتلاك العراق سابقاً ٣٧ طائرة منها. اما اقتصادياً، فمبلغ الطائرات فقط، يمكنه ان يوفر ٢٥٠٠ ميكاواط كهرباء اضافية.. او بناء مصفى يوفر ١٥٠ الف برميل يومياً من المشتقات تكلفنا مليارات الدولارات.. او سلسلة كبيرة من المشاريع الزراعية والصناعية يمكنها ان توظف عشرات الاف العمال والمزارعين.. علماً انه يجب اضافة كلف قطع الغيار والعتاد والمنظومات والتدريب.. الخ، التي ستضاعف الاسعار.
اما في الجانب السياسي، فكلمات مستشار الامن الوطني الاستاذ فالح الفياض لها دلالاتها، "بانه لا توجد كلمات لتصف وقوف العراق والولايات المتحدة جنباً الى جنب لمحاربة الارهاب". وحسناً تأكيده ان الطائرات "للدفاع عن الجمهورية والدستور".. وكذلك تطمين سفيرنا لقمان الفيلي شركاء الوطن.. بانها ليست موجهة ضدهم.. فهم شركاء طبيعيون. والطيارون متعددو الهوية. فالذكريات سيئة لمجازر الطيران في البلاد عموماً، لاسيما في الاهوار وكردستان والانفال واستخدام النابالم والكيمياوي.
اما وقد تمت الصفقة فيجب رؤية الفوائد للطرفين.. فالشركة ابقت خط الانتاج لنهايات ٢٠١٧، بعد ان كان يتراجع لمصلحة الجيل الجديد (اف-٣٥).. وستعني الصفقة التزاماً متبادلاً بين البلدين.. وتأكيداً لعلاقات صداقة متميزة (بيعت لـ٢٨ بلداً فقط).. ولاشك ان في عقدها شروط تحدد الاستخدام.
شراء ارقى طائرات العالم لا يعني شراء حديد ومجرد تكنولوجيا حديثة، بل يعني ايضاً شراء علاقات وثقافات وخبرات بل وانماط عيش بايجابياتها وسلبياتها.. كثيرون سيرسلون للولايات المتحدة ومثلهم سيأتي للعراق.. وسيدور هذا كله في اطار "اتفاقية الاطار الاستراتيجي"، بابعادها الاقتصادية والسياسية والامنية.