تحتضن أرض سامراء الطاهرة بين طياتها جسديّ أطهر مخلوقات الله سبحانه وتعالى بل من أجلهم خلق الله سبحانه وتعالى الكون وما يحتويه من كائنات ، هذه الأرض التي أحتضنت جسديّ الإمامين علي الهادي والحسن العسكري عليهما السلام بعد أن قتلتهم السلطات الجائرة من خلال دس السم إليهم ، بالإضافة الى هذين الجسدين الطاهرين فأن أرض سامراء أحتضنت جسد السيدة نرجس أم الإمام الحجة بن الحسن (عج) وكذلك جسد السيدة حكيمة بنت الإمام الجواد عليه السلام وأخت الإمام الهادي وعمة الإمام العسكري ، بالإضافة الى هذه الأجساد الطاهرة فإنها تحتوي على مكان غيبة الإمام الحجة (عج) ، فهذه المقدسات التي تحتويها أرض سامراء تهوي إليها عقول و قلوب الملايين من الموالين لأهل بالبيت عليهم السلام بالإضافة الى أغلب المسلمين في العالم ، ولكن هذه الأرض التي تحتوي هذه المقدسات خالية تقريباً من الموالين الذين يتخذونهم أئمة وقادة شرعيين منصبين من قبل الله سبحانه وتعالى لأن سكانها من أهل السنة ، مدينة سامراء تبعد عن بغداد ١٢٥ كيلو متر من الشمال تحدها مدينة تكريت ذات الأغلبية السنية ومن الغرب مدينة الرمادي ذات الأغلبية السنية ، أقرب مدينة إليها تبعد حوالي ٤٠ كيلو متر وهي مدينة بلد ذات الأغلبية الشيعية ، هذه التركيبة السكانية ذات الأغلبية السنية التي تحيط بالمدينة بالإضافة لأهلها تجعل الموالين في قلق دائم على مقامات أئمتهم عليهم السلام نتيجة الأفكار التي يحملها الكثير ممن ينتمي لبعض المذاهب السنية وخصوصاً الحنبلي ، الذين يتبنون هدم القبور وتكفير ممن يلوذ بها أو يعبد الله تحت قببها ، لهذا فأن هذه الأضرحة في خطر دائم نتيجة التركيبة السكانية المحيطة بها ، لهذا يجب أن تتحرك جميع المؤوسسات المتصدية من حوزات ومؤوسسات دينية ودوائر رسمية في إيجاد الحلول العاجلة والشافية لهذه المسألة المهمة والمقدسة في نفس الوقت ، فوجود مدينة سامراء في هذه النقطة الجغرافية من العراق جعل الحلول تصعب لأن الخيارات أمامنا ثلاث لا رابع لهما :
الأول : نقل الأضرحة والمقامات الى مكان أخر أكثر أمناً وهذا مستحيل بل مرفوض عقلاً.
الثاني : توفير الحماية القوية والدائمة وهذا أيضاً موقت وليس حل دائم وغير مجدي دائماً وما أحداث هذه الأيام إلا أكبر دليل على كثرت نقاط ضعف هذه الخطوة ، بالإضافة الى أعتماد هذه الخطوة على نوع الحكم في بغداد ونوع الظروف التي تحيط بها وهذه الظروف في كل وقت قابل للتغير وكم من حكومة تغيرت على مر الزمن ، لهذا لا يمكن لنا أن نطمئن أو نثق بهذا الحل لأنه مهما كان يعتبر وقتياً يعتمد على الظروف التي تحيط به .
الثالث : تغير التركيبة السكانية التي تحيط بهذه الأماكن المقدسة من خلال تثبيت العمال والموظفين والعسكريين الموالين لأهل البيت عليهم السلام الذين يعملون في سامراء وتقديم لهم كل وسائل الراحة بالإضافة الى تشجيع الهجرة من المدن الجنوبية الى هذه المدينة وهذه الهجرة تكون مدعومة من الحوزات العلمية والمرجعيات الدينية وكذلك الحكومة ، وهذا الخيار أهم وأقوى خيار لأنه الوحيد الذي يضمن سلامة وأحترام هذه المقدسات في مختلف الظروف والأزمان .
علماً أن المرجعية الدينية قد أنتبهت الى هذه النقطة الحساسة والمهمة في مسألة تغير التركيبة السكانية لهذه المدينة وعملت بنفسها في تنفيذ هذه الفكرة عندما هاجر المرجع الأعلى في زمانه السيد حسن الشيرازي ( صاحب فتوى التنباك الشهيرة) الى هذه المدينة ومن ثم هجرة أغلب طلبة الحوزة خلفه لكي ينهلوا من علمه الغزيرويأخذوا من أخلاقه الربانية ، لهذا كان على المتصدين دعم هذه الفكرة بكل ماآوتية من قوة لكي تقوى نبتة التشيع في هذه المدينة الحساسة بكل شيء والتي أصبحت على مر الأيام مصدر قلق لكل شيعي في العالم بل كل إنسان في العالم لأنها كالقنبلة الموقوتة التي قد تنفجر في أي لحظة ، التاريخ يحدثنا بالكثير من المآسي حول وجود هذه الأماكن المقدسة في هذه البقعة ولكن نترك التاريخ ونتصفح أيامنا التي عشناها ماذا قدمت لنا من مآسي نتيجة هذه التركيبة التي تحيط بهذه الأماكن المقدسة وهو تفجير هذه المراقد الى الأرض وتدميرها في عام ٢٠٠٦ ، فهذه التجربة القاسية على كل إنسان شريف يقطن هذه المعمورة التي هزت الكيان الشيعي في الأعماق والتي كادت أن تصبح كأنفجار القنبلة الذرية الذي يأكل الأخضر واليابس لولا موقف المرجعية الحاسم والحريص على سلامة وأمن كل المواطنين ، ولتفادي مثل هذه التجربة القاسية والحزينة والتجارب اليومية التي يذهب خلالها العشرات من الموالين لأهل البيت عليهم السلام ، علينا أن نعمل بجد من أجل تغير التركيبة السكانية لهذه المدينة وما يدور حولها من قرى وهذا يتطلب عمل الجميع من مرجعيات وسلطات حكومية ومنظمات إنسانية والأهم تقبل الشارع الشيعي لهذه الفكرة حتى نحمي مراقد أئمتنا عليهم السلام ومقدساتنا في سامراء من العبث التكفيري الجاهلي ، وإلا سيكون التهديد قائماً والقلق يزداد يوماً بعد أخر وتصبح هذه البقعة المشرفة نقطة ضعف يستغل من خلالها الكيان الشيعي في كل لحظة وهكذا ستضيع سامراء كما ضاع البقيع نتيجة التهديد التكفيري والتراخي الشيعي .
خضير العواد