إقرأ خطابي!
يا من تحمل اسمي،
وتدعي حب الوطن،
سأخرج عن صمتي،
فقد حل يوم حسابي.
أنا أعرف تاريخكم،
أنتم كتبتموه بالسيف والمعول،
على صفحات بردي الجنوب،
وبالنحت في كهوف الجبال،
مدونة أقبح أفعالكم.
وها هي ندباتي في كل صوب،
تفضح أطباعكم،
ثم تشتكون من غزاة؟
أنا هبة الله للآدميين،
فمن أشبه مني لجنة عدن؟
أنا موجود منذ القدم،
وتاريخكم بضع قرون،
هنا أناخ أجدادكم،
نكثوا عن أسمالهم رمال البوادي وروث الغنم،
داويت فطور أقدامهم،
بترابي البلسم،
عمدتهم بدجلة والفرات،
من أدران البداوة طهرتهم،
تكفلت أجدادكم الحفاة العراة،
من مغتصبي جبالي والسهول،
علمتهم لبس الثياب والنعال،
وبالعقال زينت رؤوسهم،
أنا صبغت سراويلهم في رؤوس الجبال،
ملأت بطونهم بالخبز واللحم،
ثم هم وأنتم تجحدون كل هذي النعم؟
أنا صنعة الله،
وكل ما في أرضي نعمة لكم،
وكل ما في نفوسكم نقمة علي.
أنا باقي ما دامت الأرض،
وأنتم كلكم مرتحلون،
هنا كان الماء قبل أن تكونوا،
والقمح قبل أن تزرعوا،
وكل الحروف قبل (ض)ادكم،
وكل شيء كان هنا قبلكم،
أنا علمت أرخميدس الهندسة،
وأخوانه الحكمة والفلسفة،
انا أب القوانين،
وأم الحضارة،
وهذا مهدها،
تحطمونه بأقدامكم،
فهل أنتظر طوفاناً جديداً
ليغسل عن أرضي أدرانكم؟
كم تساوون
لو غار مائي
أو أرضي تصحرت؟
وهل تبيعون أو تشترون
لولا نفطي الذي تستخرجون؟
يا من تهدمون بيوتكم،
وبالبكاء تطربون،
يا ذابحي البشر كالنعاج،
اكاد أغرق بالدماء،
وبالمقابر الجماعية اختنق،
وأجن من الأشلاء،
فلا أطيق الحياة بينكم،
فلتكن خاتمتي بزلزال،
أو فوران بركان،
إن كان ذا السبيل،
لخلاصي منكم.