أعطى الأسلام للمرأة مكانة عظيمة لم يرتقي لها أي نظام في العالم, لكن الرجال - أكثر الرجال - خصوصاً العرب و العراقيين منهم قد هضموا حقّها بشكل فضيع لم أرى مثله في أي بلد من بلدان العالم, و لعل بعض المراجع و المعممين التقليديين هم السبب الأساسي في ذلك الهضم لعدم فهمهم الصحيح للقرآن و الأسلام خصوصا أؤلئك الذين حلّلوا إهانتها و حتى ضربها من قبل بعض المراجع التقليديين, لذلك و بعد ما أطبق الحصار عليها في مجتمعاتنا المتخلفة نراها لجئت لأساليب محرمة لأعادة شيئ من حقوقها و الدفاع عن نفسها عبر أعمال السحر و الشعوذة, و قد حرّم الأمام عليّ(ع) السحر و التنجيم, حيث قال(ع) لبعض أصحابه لما عزم علی المسير الی الخوارج, بعد ما قيل له: (إنْ سِرتَ يا أمير المؤمنين في هذا الوقت, خشيت أ لا تظفر بمرادك من طريق علم النجوم), فقال عليه السلام :
(اتزعم انك تهدي الی الساعة التي من سار فيها صرف عنه السوء .وتخوف من الساعة التي من سار فيها حاق به الضر؟
فمن صدقك بهذا فقد كذب القرآن واستغنی عن الاستعانة بالله في نيل المحبوب ودفع المكروه. وتبتغي في قولك للعامل بامرك أن يوليك الحمد دون ربه. لأنك -بزعمك- انت هديته الی الساعة التي نال فيها النفع و أمن الضر)
ثم أقبل عليه السلام علی الناس فقال :
(ايها الناس إياكم وتعلم النجوم. إلا ما يهتدی به في بر أو بحر. فإنها تدعو الی الكهانة. والمنجم كالكاهن والكاهن كالساحر والساحر كالكافر. والكافر في النار . سيروا علی اسم الله).
نهج البلاغة للإمام علي (ع).
للأسف إنتشر بين العراقيين أعمال السحر و التنجيم و بشكل كبير, حتى صدام المقبور نفسه كان يستعين بذلك من خلال الساحرة المعروفة التي كانت تسكن دار السلام (الطوبجي), و لكن إشتهر بين النساء أكثر لضعفهن و لجهلهن بآلقرآن و الثقافة و الفكر, و هذا ليس تنقيصاً من شأن المرأة نفسها بآلمناسبة؛ بل المرأة مثل الرجل في كافة حقوقها و إنسانيتها و كمالاتها! لكن طبيعة المجتمع العراقي المتخلفة و القوانين العشائرية التي حكمتهم و تحكمهم ألآن هي التي سبّبت تعميق التخلف لدى المرأة و دحر شخصيتها للأسف الشديد, فإلى الآن تتبع المرأة الرجل في كل شيئ .. لأن الرجل يعتبر نفسه هو العقل الكل في هذا الوجود للأسف الشديد و آلمرأة عليها أن تتبعه, بل ليس من حقها أن تعارضه أو تناقشه!
و لعلّ أحد أهم أسباب التخلف و فشل التربية في العراق و تفكك العلاقات الأجتماعية؛ هو ظلم الناس للمرأة التي هي المدرسة الأساسية التي تخرّج الشعب و تُقوّم مسيرته!
لكن آلرجل نسى بأنّ كلّ هذا الكون قد خلق لأجل المرأة و آلمتمثلة بفاطمة الزهراء(ع) بحسب الحديث القدسي المتواتر المعروف:
[لولاك يامحمّد ما خلقتُ الأفلاك و لولا عليّ ما خلقتك و لولا فاطمة ما خلقتكما]!
علماً أن الفلسفة الكونية لهذا الحديث و أبعاده قد بيّناه في مباحثنا التي وردت في أحد مجلدات بحثنا؛ (أسفارٌ في أسرار الوجود), و شكراً للواعين الذين يقدرون المرأة أكثر من أنفسهم!
عزيز الخزرجي