يبدأ العراق اولى الخطوات في الاتجاه الصحيح , وهو يسجل الايجابية الاولى , في عملية تبادل السلمي لسلطة , وذلك بعدم تجديد ولاية المالكي لمرة الثالثة , واختيار بديل , حاز على قبول وموافقة , الكتل السياسية , التي عبرت عن دعمها وتأييدها الكامل , لمرشح الحكومة القادمة برئاسته , السيد حيدر العبادي , وهذه بادرة ايجابية تسجل لصالح العملية السياسية , المتعثرة والمتقوقعة , في شرنقة الخلافات الحادة والطائفية . بالمقابل ابلغ المكلف في تشكيل الحكومة برئاسته , كل الاطراف السياسية , على اختيار مرشحيهم للحقائب الوزارية , من يمتلكون المواصفات . الخبرة والكفاءة والنزاهة , وان يكون المرشح للحقيبة الوزارة , عامل مساعد في انجاح عمل الحكومة القادمة , وان يملك رؤية ناضجة في العمل الوزاري , ويستند على برنامج عمل متكامل , وليس اعمال اعتباطية غير مدروسة , او مشاريع فاشلة , لاتقدم فائدة لتطور العراق , وان يضع مصالح العليا للبلاد فوق اي اعتبار او فوق المصالح الطائفية والحزبية الضيقة . لاشك ان هذا التوجه الجديد , يختلف كلياً عن سلفه نوري المالكي , الذي اعتمد على العشوائية والتخبط , والولاء الشخصي والحزبي , دون المواصفات المطلوبة , لتحمل العمل والواجب والمسؤولية , بذلك تراكمات السلبيات والانحرافات والاخطاء , وتجمعت المشاكل والازمات , التي عصفت في العراق , فقد تعاظم الفساد المالي والاداري , وعمليات النهب والاحتيال والاختلاس , ونشط الارهاب باعلى مراحله البشعة , وصار القتل اليومي . ظاهرة يومية روتينية , والطامة الكبرى , التي قصمت ظهر البعير , كما يقولون , بانزلاق العراق الى أسوأ مرحلة الانحدار والانحطاط , بولادة الذئاب البشرية , التي خرجت من بطون الكهوف المظلمة ( داعش ) , في ارتكاب عمليات اجرامية مروعة , يخجل منها الضمير الانساني الحي , ضد كل مكونات الشعب واطيافه , من الشيعة والتركمان والمسيح والشبك والايزيدين , الذين اقترفت بحقهم الاعدامات الجماعية والموت الجماعي , والذبح والتهجير والتصفيات العرقية , ومحاصرة القرى والنواحي , مثل ناحية آمرلي ( لشيعة التركمان ) و٢٠ ألف مواطن شيعي يواجه الموت المحقق من فرض الحصار الوحشي , وكما في الموصل في عمليات القتل الوحشية وتهجير المسيحيين , وكما في سنجار ومناطق اخرى لطائفة الايزيدية , وهم يدفعون ضريبة الموت الجماعي من الذئاب الوحشية ( داعش ) , لذلك كان عهد المالكي , أسوأ عهد على مكونات الشعب واطيافه , التي دفعت انهار من الدماء , وتوسمت بالانهيار الوضع الامني بشكل كامل , وبذلك دخل العراق في كوارث دموية , فاقت جرائم النازية العنصرية , وانحرفت العملية السياسية , عن الطريق المرسوم لها , واصاب الدولة العراقية , الوهن والشلل والامراض المزمنة والخبيثة , واحتل الخوف والرعب في كل زاوية من العراق ,لذا فان التركة الثقيلة , التي خلفتها الحكومة السابقة , عويصة وصعبة ومعقدة للغاية , وخاصة تحمل في ثناياها مخاطر جدية من الالغام , التي قد تنفجر في اية لحظة , اذا ما حلت بشكل صحيح وصائب , ولكن الشيئ الايجابي من الواقع الجديد , افرز حالات جديدة على الواقع السياسي , يصب في صالح اصلاح العملية السياسية المعطوبة , وهذا يحتم على جميع الكتل السياسية المشاركة الجدية والحقيقية , بدعم الايجابي للواقع الجديد , الذي يصب في خدمة المصالح العليا للوطن , والمنفعة الايجابية لشعب , في تخليصه من الارهاب الدموي والفساد المالي والاداري , وتعميق المسار الديموقراطي , بالابتعاد عن الاستئثار والاحتكار, والاخطاء القاتلة , التي قادت العراق الى طريق مسدود , وينبغي على رئيس الوزراء القادم , ان يدرس ويراجع تجربة سلفه , بدقة وعناية , ويستخلص العبر والدروس المفيدة , لمهام مسؤولياته الجديدة , وان يتحرى عن مسببات الاخطاء والانحرافات والسلبيات , وعوامل الشلل والفشل والعجز في المسؤولية , حتى لا يقع مجدداً في مطباتها , وان لا يكون نسخة استنساخ لتجربة سلفه المريرة لمدة ثماني اعوام عجاف . عليه ان يختار بشكل سليم وصحيح الطاقم الذي يعتمد عليه , وكذلك الطاقم المحيط به . يجب ان يمتلك رؤية ناضجة للواقع السياسي , وان يمتلك الحس والشعور الوطني لصالح العراق , بكل مكوناته واطيافه , وان يمتلك النزاهة في تحمل المسؤولية , والابتعاد كلياً عن العناصر , التي اثبتت فشلها وعجزها , وكذلك العناصر الفاسدة والمتملقة والانتهازية , وان يكون العمل الحكومي , ينطلق من الروح الوطنية , البعيد جداً عن الطائفية والحزبية الضيقة , عند ذاك نستطيع ان نقول بثقة كبيرة , بان العراق سينتصر حتماً على الذئاب البشرية ( داعش ) , ويبدأ العراق يخطو بثقة الى الامام.