الثورة الحسينية تجدد ذاتها كل عام من خلال هذه الشعارات والاستعداد للعطاء والبذل والتضحية ؛ بل والدم أيضاً فمع كل عام ؛ نودع كوكبة أخرى لتلتحق بشهداء الملحمة الحسينية المتواصلة .
الثورة الحسينية لا يمكن حصرها بشهر أو يوم أو لحظة أبداً ؛ أنها تجربة حية تعيد أنتاج ذاتها وتجدد مفاهيمها باستمرار ؛ لذا فهي بحاجة مستمرة الى جيل جديد يتفاعل مع أدواتها التغيرية ويوظف بعدها "الشعبي " لتكتسب مفهومها التغيري بعيداً عن تنظيرات محصورة في أروقة الصالونات الثقافية والمحافل السياسية .
الحركة الحسينية تمثل خطاً إسلاميا ثورياً أصيلاً ؛ونظرية حياة قابلة للتطبيق في أي لحظة تاريخية حاسمة شريطة إنتاج قيادة واعية قادرة على تسخير إمكانات الجماهير في سبيل تحقيق رسالة ألإصلاح السياسي أو الثقافي أو الاجتماعي ؛ وتطوير برنامج قابل للتعايش مع الظروف الراهنة ؛ وهذا ما تحتاجه النخب الاسلامية التي تؤمن أن التغيير المنشود يبدأ من القاعدة .
في كل عام تتجدد الشعائر والطقوس والممارسات الحسينية وقد تكون لافتة للنظر في بعضها ؛فقد يجتهد العقل الشعبي في اضافة ما يراه-هو- مناسباً للشعائر ؛ وهذا غير مقبول لان القضية محكومة بمنظومة عقائدية وعبادية وليست مساحة حرة متروكة للتأويل والاجتهاد والإضافة والابتداع ! .
لكن الملاحظ زحف الكثير من الممارسات على هذه الشعائر بحجج واهية ، فيما نرى أن النخب الاسلامية لا تمتلك سوى مجاراة الجماهير وعدم طرح أسئلة قد تسبب ردود شعبية وأفعال غير منضبطة ؛ هذا الموقف الخائف أو على الأقل غياب الرأي النقدي سيقود الى قلب القاعدة التي تجعل من الجماهير تفرض رؤيتها بقوة الجماعة وسط صمت وخشية العلماء والمفكرين على مكانتهم ومكاسبهم .
الواضح أن هناك أتجاهاً يحاول فرض قراءة غير واقعية وغير عقلائية ؛ بتحويله الشعائر الحسينية الى مجرد ممارسات مفرغة من محتواها العقدي والفكري والرسالي ؛ مستغلاً الاندفاع الجماهيري في محاولة أظهار أشد صور الولاء والتفاعل مع القضية الحسينية .
الأمة اليوم بحاجة الى أن يمارس علمائها ومصلحيها ومثقفيها دوراً فاعلاً في أعادة قراءة الممارسات الحسينية وعرضها على المنهج القويم للإسلام الحنيف ومعطياته التنويرية ؛ ووضع اليد على أبرز سمات المجتمع الحسيني المنشود ؛ لا أن يترك "العوام " يسيرون دفة الأمور ويعكسون رؤاهم القاصرة على الشعائر الحسينية .
فثمة فرق شاسع بين الطقوس والشعائر ؛ نأمل أن لا تتحول عاشوراء الى مجرد الى طقوس تفتقد الى بعدها الشعائري التغيري الشامل .عظم الله أجركم .السلام عليكم .