تقترب شعوب المعمورة من بعضها كلما كان العدو واحد، يتنادى أولاً المعنيون في رقعة الوطن، ويستنفر العالم قدراته الجبارة لردع كل من يحاول تمزيق نظام أي دولة ويهدد السلم الأهلي العالمي، وعرف ذلك بالنظام العالمي الجديد.
رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون يقطع أجازته، وبارك اوباما يعقد اجتماع للأمن القومي الامريكي، بعد عرض داعش مقطع فيديو أعدام الصحفي جيمس فولي، البريطاني الأصل امريكي الجنسية.
النظام العالمي الجديد قالها الرئيس الامريكي جورج بوش الأب، بعد غزو صدام للكويت، فسرها الباحثون ورجال السياسة (أن العالم يجتمع ضد أيّ قوة مارقة تخرج من النظام العالمي)، وقتها أستطاعت الكويت تدويل قضيتها وعرض الطفلة مباركة قي قاعة الأمم المتحدة، وحصلت على الدعم الدولي.
وأكاد اجزم أن معظم ساسة العراق مشغولون بالبحث عن المناصب والمكاسب، في وادي من الترف والرفاهية والتنعم بخيرات شعب يحترق منذ ١١ عام، وكلام كثير نلوم ونستهجن افعال تجاه شعب كان يحلم بالديموقراطية، لا يزال يعيش الحرمان ومطاردة الإرهاب، وبالطبع ان كانت مؤشرات خلل فسوف يتحملها من يمثل الغالبية في الحكومة والبرلمان، من تقصير عن تدويل جرائم الأبادة الجماعية.
نفس اولئك الساسة يستغربون كيف يتعامل الغرب بأزدواجية، بعد أن عرفت كل شعوب العالم ما يحدث في العراق ليس صراع طائفي، بل هي عصابات لا تنتمني لدين، بعد جرائمهم مع المسيحين والأيزيدين، من قتل الرجال وسبي النساء وبيعهن في سوق النخاسة، وجرائم لم يعرفها الانسان على طول التاريخ، قبلها كان الرئيس اوباما يتحدث عن وجود شريحة مهمشة، واليوم حينما تعرضت كردستان والأمن الدولي للخطر، تعالت اصوات الدول العالمية لمحاربة داعش وأصدر مجلس الامن قرار يجرم ويعاقب من يتعاون معهم.
العالم لم يتحدث عن جريمة سبايكر، ولا تلعفر او امرلي، وسوف نسمع الاصوات ترتفع عن جريمة بشعة حدثت في جامع مصعب بن عمير، لم يتحدث الإتحاد الأوربي عن التفجيرات التي تحصد الأرواح، ولا يعرف رئيس وزراء ايطاليا الأيتام، ولا يعلم الرئيس الفرنسي ان هنالك محافظات نسبة الفقر فيها تجاوزت ٥٠%.
سنوات والأعلام الحكومي مشغول بتحويل الأخفاقات الى إنجازات، حيث يتجول المتملقون والأبواق على ابواب القنوات، وتصخب الأجواء بأصوات الدلالات والنائحات، بالألوان البراقة ونفخ الخدود ومزيل السواد من الوجوه، وقلوبهم تصدأ بالحقد والكراهية وتشويه ممنهج الاغلبية بالإعتدال والتسامح والحوار.
لم نرى خلال السنوات المنصرمة مسؤول حكومي يعترف بالخطأ، ولا يبكي لأحتراق أكثر من نصف العراق، حتى يستنكفون من الأعتذار والإستقالة او الشكوى الى الشعوب.
طبقة لا سياسية هيمنت لسنوات على مقدرات العراق، فشلت في ملفها المحلي والأقليمي والدولي، حتى صورت تلك التصريحات البائسة للعالم بأننا شعب لا يستحق الحياة، ولم تحمل اشلاء طفل مذبوح ولا دموع ام مفجوعة الى محفل دولي، وهشمتنا معاول التسقيط وتعليق الأخطاء على شماعات التأمر، متنكرة لماضي تضحيات وحاضر واقع يقول: نحن لسنا طائفة في وطن بل نحن الوطن وعلينا أحتواء الطوائف، وأنه نفس العدو الداعشي من أستهدف تلعفر وسنجار وسبايكر، وجامع مصعب بن عمير، يريد ان يفصل بيننا من اعماق التاريخ، بإرادة ساسة اغلبية لا يعرفون حمل قضية شعبهم، او انهم يعتاشون على الأزمات ومذابحنا سر بقائهم.