عدا الذين انفلتت أعصابهم ولمّ بهم الغضب فأخرجهم عن طور اللياقة، سرّني القراء بردودهم الرافضة أو المؤيدة لما كتبته في عمودي أمس. باختصار انفرج القراء الى سماطين: بعض أيد تفاؤلي تجاه تغيير رئيس الحكومة، والآخر كان متشائما جدا اذ يرى الشغلة كلها مثل "خوجة علي .. ملاّ علي". ولربما الناس بالعراق كلهم اليوم هكذا: متفائل ومتشائم. لا ألوم أيا من الطرفين فكلاهما له حق في بعض ما ذهب إليه.
أقول للمتشائمين، الذين ربما ارتفعت حرارة التشاؤم عندهم الى أقصاها حين عرفوا أسماء الوزراء الجدد، اني معكم، ولكن..
من كان فيكم يتصور بان الحكومة الجديدة ممكن ان تتشكل بأسماء ووجوه أفضل، فللأسف، انه حالم او واهم. الشعب هو من اختار هؤلاء. وليعرف الناس ان الظروف الانتخابية التي وضعوا فيها استماراتهم لا يمكن ان تنضح غير الذي فيها. هذا الموجود. لم يكن أمام العبادي بستان فسيح ليقطف منه ما يراه مناسبا بل كان أمام بضع سلال ليس فيها غير " خلالات العبد". بصراحة اقولها لو كان الامر بيدي لما اخترت اكثرهم، لكني اجد التشكيلة الحكومية، في هذا الوقت بالذات، هي افضل ما يمكن ان يخرج به العبادي.
اذن لماذا تفاءلت وفرحت ان كانت الاختيارات بهذه الشحة والجفاف؟ والجواب اني لست متفائلا بالحكومة بل برئيسها. أولا، لأن تكليفه ونجاحه في عدم تجاوز المدة الدستورية للتكليف قد كسر أسطوانة "ماكو بديل" المقرفة، والتي أصابت أرواحنا بالجفاف منذ مجيء صدام وحتى رحيل المالكي.
وثانيا، أقول للذين أغضبهم تفاؤلي ان داعش لم تكتف باحتلال ثلث العراق بل ملأت أرضه همجية ودما وسبايا. وهؤلاء الدواعش قد استثمروا بحرفية متقنة كل أخطاء الحاكمين السابقين فأفسدوا حتى أوكسجين الهواء الذي نشمه. لا خلاص لنا منهم بغير انطلاق جهد حربي دولي كبير. ولا يمكن لهذا الجهد ان ينطلق دون ان يحصل تغيير برأس السلطة العراقية وانتهاء مسلسل "ما ننطيها". وها هو قد انتهى لنتابع بتفاؤل حقيقي الحلقة الأولى من مسلسل انهاء وجود داعش بالعراق.
لذا اني متفائل لأن العراق الجريح قد استجاب لطلب التغيير الذي وضعها المجتمع الدولي شرطا قبل انقاذنا من داعش. وها انا أتذكر قول تلك العراقية لحبيبها الذي اوعدها بأنها لو تحررت من زوجها الغاصب سيقوم بما هو مطلوب منه:
خلصتك من "اكعيم"هلهل يثوبي
منتظرة نوب هواي خلصت نوبي