هل ننتظر ٣٥٠ عاماً لإنصافه؟
هذا السؤال طرحه منذ أسبوع على صدر صحيفة "العدالة" البغدادية الأستاذ عادل عبدالمهدي، وزير النفط حالياً ونائب رئيس الجمهورية سابقاً ووزير المالية قبلاً. والمعني بالسؤال والإنصاف هو الدكتور سنان الشبيبي محافظ البنك المركزي المُقال من منصبه بإجراء انطوى على التجاوز على البنك المركزي كهيئة مستقلة وعلى قانون البنك.
والسيد الشبيبي صدر في حقه أخيراً حكم، يبدو كيدياً، بالسجن سبع سنوات في قضية هي غير القضية التي أُقيل بسببها وتتعلق برفضه إقراض الحكومة السابقة عدة مليارات من الدولارات، التزاماً منه بأحكام قانون البنك والدستور.
السيد عبد المهدي يعرف الشبيبي حق المعرفة منذ ما قبل السقوط عندما كان الشبيبي يعمل خبيراً اقتصادياً مرموقاً لدى الامم المتحدة مشهوداً بكفاءته وخبرته ونزاهته، وبعد السقوط عملا عن قرب أثناء ما كان السيد عبد المهدي وزيراً للمالية ثم نائباً لرئيس الجمهورية.
من موقع العارف كتب السيد عبد المهدي في مقاله اليومي بتاريخ ٩ أيلول الجاري "كانت الاحتياطات في ٢٠٠٣ (يوم تولّى الشبيبي قيادة البنك المركزي) سلبية، وسعر الصرف ٢٥٠٠ دينار/دولار في السوق، و١٥٠٠ دينار/دولار رسمياً، ومعدلات التضخم أكثر من ١٠٠%. اما في ٢٠١٢ (يوم أُقيل الشبيبي وهو يمثل البلاد في مؤتمر دولي في اليابان)، فتجاوزت الاحتياطات ٧٠ مليار دولار، وسعر الصرف للمركزي ١١٦٦ دينار/دولار، وحوالي ١٢٠٠ دينار/دولار سوقياً، وانخفض التضخم لرقم واحد (-١٠%). فالشبيبي أدى واجبه، وهو أحد صناع القرار التاريخي بتخفيض ٩٠% من ديون العراق البالغة يومها ١٢٠ مليار دولار.. رجل مثله تكرّمه الدول، لا أن يُحكم بقضية، سيختلف مباني الحكم فيها باختلاف النظرية العلمية، وهو نفس ما تعرض له غاليلي". وغاليلي هو عالم الفلك والفيزياء والفيلسوف الايطالي غاليليو غاليلي الذي حاكمته محكمة في الفاتيكان وأدانته بالهرطقة وحكمت عليه بالسجن ثم الاقامة الجبرية عام ١٦٢٣، لدفاعه عن نظرية دوران الأرض حول الشمس، خلافاً لرأي الكنيسة آنذاك. وفي العام ١٩٩٢ فقط اعترف الفاتيكان بخطئه التاريخي الشنيع فاعتذر عنه وبرّأ غاليلي وأقام له تمثالاً.
ختم عبد المهدي مقاله بالقول "نرجو أن لا ننتظر ٣٥٠ سنة وأكثر لتبرئة الشبيبي وتكريمه".
ثمة إجماع بين من عرفوا سنان الشبيبي وتعاملوا معه على مدى عشرات السنين، وما يشبه الإجماع في الأوساط المالية والاقتصادية والبرلمانية، على نزاهة الشبيبي وكفاءته ووطنيته، وعلى ان ظلماً وعدواناً قد أحاقا به بإقالته وبالحكم عليه بالسجن.
عبر جهات الأرض الأربعة التي تشتّت فيها خيرة الكفاءات والخبرات العلمية والثقافية والاقتصادية والطبية والهندسية العراقية، تجري الآن حملة توقيعات للتضامن مع سنان الشبيبي والتنديد بالعدوان الواقع عليه .. الحملة يقودها العشرات مع الأكاديميين والاقتصاديين والمثقفين المرموقين.. انها في الواقع تتعدى قضية سنان الشبيبي .. استمرار الحكم الجائر في حق الشبيبي يعني تحذيراً للكفاءات العراقية في الخارج من العودة الى البلاد، وترهيباً لكفاءات الداخل من التقدم لشغل الوظائف العامة، خشية أن يكون مصيرهم كمصير الشبيبي وغيره، وقد يكون هذا هو بالذات ما قصده الذين مارسوا الظلم والعدوان في حق سنان الشبيبي.