اميركا تقرع طبول الحرب ، وتتقدم متبخترة امام حشد دولي مكون من ٤٠ دولة للقتال في العراق ، انها حرب عالمية ثالثة ، هذه المرة ليس العدو المستهدف حاكما متمردا او دولة تنازع واشنطن ملكها ، بل المستهدف هذه المرة مجموعة عصابات تتحرك على الأرض كبقعة زئبق ، اميركا ترسم لداعش صورة الشبح الغامض ، هي تريده هكذا غامضا مبهما لكي تترك مساحة واسعة للتخيلات في اذهان حلفاءها المنقادين لقرع الطبول ، نعم ٤٠ دولة تستعد للهجوم على عدو لم تعرف من هو واين ومتى وكيف ؟ الجهة الوحيدة التي تعرف داعش هم قادة الحشد الشعبي ومقاتلوهم ، فقد كشفوا النقاب عن حقيقة داعش وحقائق أخرى محيرة ، هؤلاء الابطال كلما هجموا على مواقع محددة تم استطلاعها مسبقا تقدموا بسرعة مسافات شاسعة فلا يجدون أحدا ! ولم تواجههم سوى اطلاقات قنص تأتي من بعيد ، او الغام زرعت بكثافة على طريق التقدم ، او منازل تركها اهلها فقام الارهابيون بتفخيخها ، لم يشتبك الجيش والحشد مع العدو في معارك جدية ومباشرة الا قليلا واذا اشتبكوا فالعدو يهزم بسرعة تاركا قتلى وجرحى واسلحة وتجهيزات ، وقد طور الجيش والحشد وسائلهم فهم يعالجون القناص بالقناص او بضربات دقيقة من الطيران ، أما الالغام فتعالجها فرق الهندسة العسكرية ، وبسقوط الالغام والقناص تتحول المعركة الى مطاردة اشباح ! الايام الاخيرة شهدت انكشافا تاما للوهم الداعشي وبدأت وحدات الجيش والحشد الشعبي تحقق تقدما سريعا في قواطع عديدة لا يعيقها سوى الخوف على حياة المدنيين الموجودين في بعض المناطق ، أحيانا يخوضون قتالا ضاريا ثم تنجلي الغبرة واذا بالمقاتل المتطوع يتحدث مع جريح من داعش فيخاطبه : ايها الداعشي من اي بلد انت فيرد عليه الجريح بدهشة : بابه ياداعشي اني عراقي من عشيرة آلبو كذا ، فيسأله لماذا تقاتلنا ؟ فيجيبه بدهشة : قالوا لنا اذهبوا ودافعوا عن قريتكم فقد هجم عليكم جيش ايراني! فيجيبه المتطوع : (جا شني آنه من العمارة أبا عن جد عراقي ابن عراقي وجاي بأمر المرجعية احررك من الدواعش) فينهار ذلك الجريح مندهشا ثم ينخرط في البكاء . هذا مشهد جزئي في بعض المناطق يثير الكثير من الاسئلة ، وباختصار المعادلة يتضح ان عراقيا يقاتل عراقيا مثله من وراء غبار كثيف ، وكل المسميات الأخرى اشباح ، في هذه الساحة تريد الولايات المتحدة وحلفاؤها الاربعون شن حرب على شبح داعش ، يلزمهم المزيد من الغموض والتهويل والغبار الحاجب للرؤية ، اعلام صهيوني ومال خليجي وطيران غربي ، آخر ما قالوه : نحتاج الى ٣ سنوات لحسم المعركة مع داعش في العراق ، ماذا يعني ذلك ؟ العراقي في كل مكان بدأ يدرك كيف بدأت اللعبة ، وكيف انكشفت ، واصبح سهلا عليه ان يتكهن كيف ستنتهي ؟