لا نشك قط بأننا في طريق وعر لا عودة فيه، حيث تسل سكاكين ذبحنا من القفا، ويتدجج الملثمون بالسلاح والرايات والملابس السوداء، لا يملكون شيء من أدب الحروب وإنسانية المقاتل، وقد تزاحمت المواضع وأخترقت السواتر، وأصبح عند بعضهم دباباتنا وأسلحتنا، وجهزهم أعداء الإنسانية بملابس لا تختلف عن ملبس قواتنا المسلحة.
الحرب خدعة وتخطيط، لا تدنى وتنازل قيمها وشرفها، بلبس ملابس النساء و أخذ العوائل دروع بشرية، وقتل المخالف والطفل الرضيع.
تحدثنا كثيراً وقلنا: الإرهاب لا يقصد فئة من الشعب العراقي بذاتها، وأن رفع شعار الدفاع عن طائفة، أو إسترداد حرمات نساء حملن الأحزمة الناسفة، وأوين الإرهابين وضاجعنهم بجهاد النكاح، رغم تحمل طائفة الجزء الأكبر من الدماء، لكن سنجار وذبح الأيزيدين وسبي نسائهم، ومجزة عشيرة البو نمر؛ خير دليل على إننا في معركة لا فرار منها، و أن العراقيون مطاردون يراد ذبح ولا يحميهم معتقد، ولا سبيل سوى المواجهة، والحفاظ على شرفنا وديارنا وتاريخنا ومقداستنا.
معركتنا مع عصابة منحرفة، جبناء يحتمون بالنساء والأطفال ويقتلون العزل، متنكرون بملابس القوات المسلحة، وإستغلال المناسبات الحسينية بين جموع الملايين بذريعة تقديم الطعام، ما يستوجب الإنتباه للصغيرة والكبيرة، ونراجع أنفسنا ومجاميعنا، ومن يحاول الدخول تحت مسميات الحشد الشعبي.
وما لفت إنتباهي خلال أيام محرم الحرام، التي هي جزء أساسي من حياة العراقيين، ولو أن الأمة إلتزمت بمفاهيم الثورة الحسينية؛ لما تعرضت الى الهوان وطفح كيل إنحراف العصابات المجرمة. وجدنا ملابس تباع للأطفال بالزي الأفغاني الأسود، تشبه ما تلبس داعش، ونداءات لا نعرف مصدرها تطالب؛ بإحياء مراسيم عاشوراء وركظة طوريج بالزي العسكري، وكم مرة خدعنا بمتسولة تجلس في باب جامع وبالنتيجة إنتحارية، وإنتحاري بين المتطوعين، ومندسين داخل الأحزاب وقوى الأمن، يرصدون الإحداثيات والتحركات وتجمعات المواطنيين.
لا يختلف أثنان على أن العراقيون يملكون أقدم الحضارات، وكل شعب يفتخر بتاريخه وتقاليده، ولا يحتاج ملابس يرتديها الدواعش، وإردتاء الملابس العسكرية في المواكب، يسهل دخول الإرهابيون بين الملايين؛ لأجل القيام بعمل أرهابي داخل الأضرحة.
ظاهرتان لابد من التوقف عندهما والتمعن في مصدرهما وهدفهما: الأولى إنتشار الملابس الحسينية السوداء بالزي الأفغاني، للأطفال بكميات كبيرة وأسعار منخفضة، والثانية الدعوات الى ممارسة الشعائر الحسينية بالملابس العسكرية.
لبسنا السواد على الإمام الحسين حزناً على كرامة أمة مهدورة بيد المنحرفين الفاسدين، ولبس أبنائنا الزي العسكري إستجابة الى نداء المرجعية والوطن، وإقتداء بمنهج الإباء والكرامة، والسواد تقليد حسيني لثورة إنسانية لا داعشية، ومن يريد لبس الملابس العسكرية؛ عليه الذهاب الى جهات البطولة، فهي رداء فخر، لا للتجوال في الشوارع وإبتزاز المجتمع.