حسب التقرير الأمريكي الذي نشر إن أسباب تأخير تسليح الجيش العراقي والإيفاء بالتزامها وتعهداتها تعود إلى سببين, الأول بسبب قلق المشرعين الأمريكان من استخدام تلك الأسلحة من قبل الحكومة السابقة ضد خصومها السياسيين, والسبب الأخر يعود لخشية الأمريكان من وقوع الأسلحة بيد داعش بحسب التقرير المنشور, وهذه الذريعة وفرتها لهم السياسة المتشنجة والفاقدة للرؤية, من قبل الحكومة السابقة.
وتشمل الصفقة التي سيتم إرجائها لوقت أخر, قائمة الأسلحة الجديدة تشمل ١٧٥ دبابة أبرامز و١٤٦ مركبة صاروخية مضادة للدبابات من طراز سترايكرز و٥٠ عربة للاستطلاع والوقاية من الأسلحة النووية والكيميائية والبايولوجية، فضلا عن عدد من عربات القتال برادلي ,لكن الجانب الامريكي قلق في مصير هذه القائمة من الأسلحة والمعدات,بسبب هشاشة الوضع, وبحسب التقرير المخاوف تدفعها لاستبعاد إتمام الصفقة.
عند سقوط الموصل ذهبت الأسلحة بيد داعش, وكانت الموصل كمخزن كبير للسلاح بمختلف أنواعه, فكانت صيفا كارثيا على حكومة الأمس, مما جعلت صفقات التسليح تذهب مع الريح, معسكرات الجيش بكامل محتوياتها, ولم يستطع الجيش عند انسحابه الخروج بها, احد الأسباب لعدم وجود الوقود, واختفاء الوقود من الآليات العسكرية سببه الفساد الإداري داخل الجيش, حيث يتم بيع الوقود في السوق السوداء, وظهرت سلبيته في حزيران ليلة سقوط الموصل, كلها أمور أوجدتها منظومة فاسدة ومترهلة تتحكم بها مافيا سرطانية, فكان منطقيا خسران الواقع, وتحكم الآخرين بنا.
الأكيد إن تبريرات التقرير لتأجيل تسليح الجيش العراقي, لا يمكن الوثوق بها تماما, فأمريكا هي من أوجدت داعش , وهي تخطط لمسك الأرض, لان بوجود داعش ستتحقق الأحلام الأمريكية, وبفعل انغماس الحكومة السابقة بالانبطاحية التامة, جعلت من نفسها لا حول ولا قوة إمام القرار الأمريكي, فوافقت من دون اشتراطات على التسليح الأمريكي, فكانت قطع الشطرنج كلها بيد العم سام, من جهة يوجد داعش للوجود السياسي , ومن جهة ثانية يعرقل وصول دفعات السلاح, مما ساهم بتحقق أحلام العم سام, وضياع أحلام العراقيين.
ألان نحن بين نارين, نار الحاجة الماسة للسلاح , وبين تردد الجانب الأمريكي بالإيفاء بالتزاماته, مما يدفعنا للعمل بخطوط متوازية, الأول إعادة النظر في صفقات التسليح التي مضت, ودراستها من كل الجوانب مرة أخرى, لأنها لم تكن لغرض التسليح فقط!وثانيا تنويع مصادر التسليح, باعتماد المنشئ الأفضل, مما يجعلنا لا نقع فريسة احد كما هو حاصل اليوم, ومن خلال التنويع نجعل المنتجين للسلاح يتنافسون في تقديم الخدمة الأفضل لنا.
ثالثا وضع خطة إستراتيجية للتسليح, فماذا نريد من التسليح؟ هل نريد إن نكون قوة إقليمية, أم نملك قدرات لتحقيق الأمان الداخلي ونحافظ على وجودنا , وهل نعمل على تسليح متوازن مع الآخرين, تساؤلات مهمة قبل الشروع بوضع خطط التسليح, رابعا فتح ملفات العقود السابقة فالكلام كثير حول شبهات فساد, ويمثل هذا الأمر اعتداء كبير على البلد, لأنه فساد في أهم مرفق, ونتائجه واضحة في ضياع الأرض
التقرير الأمريكي فضح المستور من دون قصد, وأبان اللثام عن مستنقع الفساد وصفقات الانبطاح, نتأمل خيرا من الحكومة الحالية, وقيل قديماً إن العاقل لا يكرر نفس الخطاء مرتين.