ولابأس في ذلك طالما إن الأمر كله مرتبط بنوع التوزيع السياسي والبناء الذي إعتدناه لمنظومتنا التنفيذية والتشريعية، وكان مهما عقد لقاءات ثنائية، وتوقيع إتفاقيات بين وزارات الدولة العراقية ونظيراتها المصرية يومي الزيارة، وكان العبادي خلالهما يحرص على زيارة الزعامات المصرية ومنها زعامة الأزهر الشريف، واللقاء بالشيخ أحمد الطيب رئيس الجامع الأزهر المؤسسة الدينية الأكثر إعتدالا وحضورا في مصر والعالم كرمز للتسامح الديني، ولطالما حصلت تفاهمات بين مرجعية الأزهر ومرجعية النجف خلال العقود المنصرمة، وربما هيأت الظروف لنوع من التواصل والإحترام، وتبادل وجهات نظر ملائمة للتوفيق بين أتباع المذاهب الإسلامية.
كالعادة لم يصطحب السيد العبادي وفدا إعلاميا معتبرا كان يفترض أن يهيئ لمابعد الزيارة، فنحن نتحدث عن زيارة مرتقبة ولقاءات مهمة وإتفاقيات وحوارات ولجان تشكل، وكل ذلك يجري خلال الساعات التي تسبق المسؤول العراقي وأثنائها، لكن ذلك كله ينتهي بعد إنتهاء الزيارة مباشرة، ولايعود من ذكر للزيارة إلا في إطار الذكرى التي قد تجترها بعض وسائل الإعلام بنوع من التحليل الباهت والمرهق. وكنا نأمل أن تتبع الحكومة العراقية سياسة مختلفة تتمثل بإختيار وفد إعلامي مصاحب للوفد الرسمي يضم بعض رؤساء تحرير صحف، ومدراء لقنوات فضائية وإذاعات، وكتاب رأي لهم حضور يمكن أن يساعدوا في يساهموا في توفير حزمة من المعلومات لوسائل إعلام الدولة محط الزيارة ويلتقوا بنظرائهم الإعلاميين، ويزوروا وسائل الإعلام في تلك الدولة، ويوضحوا للرأي العام طبيعة الزيارة، ونوع الحوار الجاري، ويكونوا ملمين بالوضع السياسي والإقتصادي والأمني في بلدهم ليتدارسوا سبل دعم مايمكن الإتفاق عليه من بروتوكولات، ثم يكونوا مستعدين لرسم معالم صورة متكاملة للرأي العام في بلدهم بعد العودة إليه.
الصحف المصرية تناولت بالتحليل زيارة رئيس الوزراء العراقي للقاهرة، وكتب صحفيون ومراقبون ومحللون عنها ووصفوا أهميتها على مستويات عدة، وكانت للقنوات الفضائية المصرية صولات وجولات في هذا الشأن، بينما عزلت وسائل الإعلام العراقية وإكتفى السيد العبادي بإصطحاب موظفين من مكتبه الخاص بوصفهم إعلاميين، أو إعلاميين موظفين.
العراق بحاجة الى نوع مختلف من التواصل الإعلامي وتوظيف وسائل الإعلام بشكل أكثر حيوية في المرحلة المقبلة ليتمكن من أداء دوره خاصة مع حجم التحديات غير المسبوق، والعزلة التي يفرضها الإعلام العربي، وماتفترضه السياسة العربية ليكون هو شكل العراق كما يراه العرب، لاكما يريده ويعمل له العراقيون الرسميون وغير الرسميين..
كل مايفعله المصريون برغم نقص الموارد والضغط الأمني والسياسي، يندرج في حملة لانفهمها نحن تتلخص بكلمة ( تحيا مصر).