يتمزقون قتلاً وبردا، يكتوون بثلج الشتاء، تشعلهم الغيرة، فيشربون الحماسة، يتواسون بالصبر، ويستأنسون بالأنتظار، يفترشون، ارضهم التي اغتصبت، فيغادرهم النوم دون رجعة، يلتحفون.. بفتوى سيد علي، عمامته وعلميته ووراثته. مفارقين اطفالاً صغار، وامهات أدمنَّ الأنين، أنين بطعم "الدللول" القديم، وقصص "النعاوي"، التي دغدغت اسماعهم، في طفولة البارود، طفولة العوز والحرمان، التي جعلتهم رجالاً مِنْ نار، يرفضون الظلم، ولا يقبلون بسرقة ما هو لهم. الموصل سقطت، رجال قِهروا، ونساء أُغتصِبت، والكنيسة.. حتى الكنيسة هُدِمَت، فدمعت عيون المأذنة الحدباء، وانكسر ظهر الجبل، مئات السنين، والأطياف تتعايش سوية، تغني لوحة شعر، اسمها العراق، هناحيث للعراق، ثلث تأريخ البشرية، موطن الأنبياء والرسل والأوصياء، وطن بابل واشور والزقورة، أرض الحسين و مار متي السرياني، تعرضت لوباء مغولي اخر، وباء أُسمهُ داعش، تخدشه الإنسانية ويقتله التفكير، فحارب كلاهما، حاول وأد التأريخ، فذلته اثار العراق بصمودها، تلك الحجارة الصلبة، التي ادمت جماجمهم، واظهرت لنا مدى الفراغ، التي تحتويه، صلبةُ الإرادة حجارة تأريخنا، وهشٌ جداً معتقدهم. وخاوية طموحاتهم. داعش الكافرة بكل شيء، الا بالدمار والقتل والترويع، مدعومةً بفكر ابن تيمية السقيم، وسحت اموال الخليج، وحلم العثمانية المريض، تلك الخلافة البائسة، والدولة الرثة، التي طواها التأريخ بصفحاته السوداء، داعش تذبح وتحرق وتسبي، متكئه على جهلها، بأبناء دجلة والفرات، ناكرة لتأريخهم المرصع بالانتصارات، والملمع بالمواقف المشرفة. ليأتي الرد سريعاً، فتحصر داعش ومن معها، انحصار الدمامل، تترك اثر الموت، في كل مكان وزمان. فتوى خُطت بالذهب، خطتها انامل المرجعية، فهمها جيداً، شباب وشيوخ ونساء العراق، فهبوا، يلبون نداء الله، جهادٌ كفائي، يتيح لهم التمتع بنعيم الجنة، وها هم رجال القرن الواحد والعشرون، رجال الحشد الشعبي، يخطون بأرواحهم، خارطة وطن، عصى ويعصي على الغاصبين. الساكت عن الحق، شيطانٌ اخرس، ليت شيطانهم اخرس فحسب، بَلْ إن شيطانهم اخرس واعمى، فالذي يوسوس له شيطانه، ويتهم المدافعين عن حرمة ارضهم، بأبشع التهم، ما هو الا شيطان، اعمى الحقد بصره وبصيرته، كيف لا؟ وهو يتهم رجالاً، ابعدوا خطراً محدقاً ببغداد، وزحفوا كالجبل الثائر، نحو كل شبر، من ارض العراق، عابرين للطائفية، مجسدين كل معاني الوطنية، حشَّدتْ قطر، وتركيا والسعودية واسرائيل، فحَشَّدَ السيستاني الهمام، مردداً (وسيعلم الذين ظلموا ايَّ منقلب ينقلبون) [الشعراء:٢٢٧]، واقع حزيران ٢٠١٤ تَغيَر، والميدان بات من نصيب، رجال الله الذائدين عن حرماته، ولا عجب، فبُعد نظرهم، بما أرادوا بأمن العراق، واختراق سيادته، اصبح واضح للعيان، بأنه مرض انكساري، لعدسة عينهم المنكسرة اصلاً، بالذل والهوان وخدمة الاجنبي، اما رؤية المرجع الأعلى، فكانت نظرة البصيرة، المسددة من الله، والمؤيدة منه جل وعلا، لتقطع خيط الإثم، وتزعزع استثمار الدول العابثة، التي استثمرت اموالاً، ورجالاً، وسلاحاً بداعش. اداة التشخيص واضحة، والسياسيون، دخلوا صالة التشخيص. إما قانون الحرس الوطني، الذي يعبر عن فراستهم، او أن اهملوه صاروا مرضى، والشعب كفيل بعلاجهم، فالانتخابات دائماً على الأبواب، مَنْ غيّر أمس، يستطيع ان يغير غداً، ومن عاقَب سابقاً، سيُعاقِب لاحقاً، فيا سياسيو العراق، وقادته، إجعلوا مكافئة الشعب لكم، غاية كبرى، وانظروا للأمور بعقولكم، لا بعيون المصالح والمكاسب، وتأكدوا، لن يفلح، من يضمر للحشد الشعبي سوءاً، من يسوف ويعرقل ويؤخر، كلهم سيحاسبون، وسيخزون، اما الكرامة، فدائماً ستصافح ايادي المجاهدين، والتأريخ هو الأخر، سيصافحهم وينصفهم، وسيمزقكم إن تجردتم، من الدفاع عنه وعنهم.