أن تكون هناك ثلاث مؤتمرات تهتم بشريحة المعاقين، فهذا أمر عظيم، يدل على أن إنسانيتنا لازالت في المستويات العليا، وأن يشرع البرلمان قانون خاص بهؤلاء، فهذا رائع جدا، وأن يدخل العراق ضمن مواثيق الأمم المتحدة التي تهتم بهم ، هذا انجاز إنساني للعراق بكل المقاييس.
المؤتمر الثالث لذوي الإعاقة، الذي عقد في قاعة بغداد الكبرى في مكتب السيد الحكيم مؤخرا، هو آخر المؤتمرات التي أقيمت في هذه القاعة، ولا نستطيع أن نحكم على نجاحه من عدمه، لأن مجرد التفكير بهؤلاء، هو نجاح دائم، أما أن تجمعهم في مكان واحد، وتستمع لمعاناتهم ومعاناة أهليهم، فهذا عمل لا يقوم إلا أكتاف الكبار.
أكثر من ثلاثمائة ملتقى ثقافي أسبوعي، وديوان بغداد الأسبوعي، الندوات والمهرجانات والمؤتمرات السابقة، كمؤتمر منظمات المجتمع المدني، ومؤتمر وجال الأعمال، والاجتماع الوطني، ومؤتمر المصالحة الوطنية، ومؤتمر لطلبة خريجي الجامعات، كلها أقيمت في قاعة بغداد الكبرى.
ما يثير اهتمامنا واهتمام الإعلام، وخاصة في مؤتمر المصالحة الأخير، الذي قيل عنه أنه برعاية حكومة العبادي، وقد إختلف المخمنون على المبالغ التي صرفت عليه، حتى وصلت الى خمسة مليار دينار.
برغم تقشف الحكومة، وما أثير حول تحويل الشهر إلى أربعين يوما، فمؤتمرات الحكيم تستمر، وهذا انما يدل على أنها بعيدة جدا عن قرارات الحكومة وتفكيرها التقشفي، فالمؤتمر الثالث للإعاقة، لم يكلف سوى عشرة ملايين دينار عراقي، صرفت أغلبها على الضيافة والنقل، وبعض مستلزمات واحتياجات المعاقين، كما ذكرها رئيس لجنة التحضير للمؤتمر الدكتور قيس الكلابي.
مؤتمر المصالحة الوطنية الذي عقد قبل شهر تقريبا، لم يكلف سوى مليون ونصف المليون دينار، وفي نفس القاعة أيضا، ولم يكن للحكومة أي تتدخل، سوى التنسيق معها لدخول مسؤوليها وخروجهم، والذي صُرِفَ هو ضيافة فقط، ولأن أغلب المسؤولين يعانون السكري، لم تفتح قناني الليمون الصفراء، واكتفى أغلبهم بقنينة الماء.
لسنا هنا بصدد محاسبة أحد، ولسنا بحاسدين لآخر، لكن بناء الدولة، يتطلب وضع التجارب الناجحة والرائدة على طاولة السيد العبادي، الذي صادق البرلمان على ميزانيته ذات المئة مليار دولار، ولازال يعاني التقشف في كل شيء، فأين نحن من التدبير المحكم لمؤتمرات الحكيم؟ وأين نحن من تقشف الحكومة؟ الذي طال الفقراء قبل غيرهم