ما زال الاميركان يصرون على التقسيم وسط الأجواء الداعشية التي غطت على الوضع العراقي بصورة عامة ، وأصبح الإرهاب هو أداة رئيسية من أدوات التقسيم ، لان أصل داعش هم من السنة ، وغالبية مقاتلي التنظيم هم من العرب السنة ، وهذا ما أكد عليه اغلب القيادات الدينية والسياسية السنة ، والذين ربما بعضهم نطق صدقاً ، أو البعض الآخر يريد كشف الحقائق أمام الرأي العام في البلاد ، لان الفتوى الكبيرة التي اطلقتها المرجعية الدينية العليا كشفت النوايا والاقنعة ، بل انها اوضحت المواقف والوجوه التي كانت مختبئة وراء داعش ، فهذا الموقف الكردي والذي أمسى فرحاً في هذه الحرب لأنها اتسقت مع نواياه في الانفصال ، وفرض الأمر الواقع على المدن والأراضي التي سيطرت عليها قوات البيشمركة في الموصل وكركوك وديالى ، الأمر الآخر هو السياسين السنة التي أزالت فتوى ( الجهاد الكفائي) الأقنعة عن مواقفهم الحقيقة تجاه العملية السياسية برمتها ، كما انها كشفت نواياهم الطائفية تجاه الشيعة في العراق ، أذ كان السياسيين لهم قدماً في العمل السياسي ، وقدم في الإرهاب تقدم الدعم المعنوي والمادي وبدعم من بقايا النظام البعثي ، ودعماً إقليمي من دولاً لا يروق لهم العملية السياسية في البلاد ، وتغير الخارطة في المنطقة برمتها بعد أحداث ما سمي بالربيع العربي ، والذي جاء بغير ما تشتهي القوى الغربية وحلفائها من السعودية وقطر .
هذا لا يعني ان السياسيون الشيعة براء من عملية التقسيم ، فمع تشكيل الحكومة الحالية برئاسة العبادي ، بعد ثمان سنوات عجاف من الأزمات والمآسي التي مرت بالعراق ، وأحداث خطيرة كانت ستنهي العملية السياسية ، تشكلّت حكومة على هذه الانقاض لتبدأ مشروع الاصلاح ورفع شعار التغيير .
الحكومة الجديدة ، عانت الكثير من العراقيل بعضها من ارث فاسد من الحكومة السابقة ، والبعض الآخر الضغط الحزبي والفئوي في تحريف عمل الحكومة في الإصلاح ، فكان تأثير الحزب الحاكم واضحاً في تغيير مجرى العمل الحكومي ومحاربة الفساد المستشري في مؤسسات الدولة كافة .
الأمر المهم ان ارث الماضي يحاول وضع العراقيل أمام أي تقدم أو مكاسب في الملف الأمني ، وإيجاد الذرائع في فشل الحكومة الحالية وإيجاد الأسباب الخبيثة في تغييرها ، بل وصل الحال إلى التهديد بالاغتيال ومن أطراف في داخل الحزب الحاكم ، وإيقاف اي خطوات في إصلاح المنظومة السياسية ومنها رئاسة التحالف الوطني المعطلة عمداً من رجال الدعوة ومنع الوصول الى اي اتفاق او آلية من شانها انتخاب رئيس له ، ليقوم بدوره السياسي في تهدئة الوضع المتشنج ، وإيجاد الحلول الناجعة للمشاكل التي تعصف بالبلاد ، وهذا ما ينذر بخطر كبير يهدد الوضع السياسي في البلاد ، والذي بالتأكيد سيصطف مع دعاة التقسيم ، والذي بالتالي سيكون هناك صراع آخر ( شيعي –شيعي ) في الإقليم الشيعي نفسه .
ليس في صالح أي أحد تقسيم البلاد ،والخضوع لمخططات الغرب والتي تحاول تمزيق المنطقة وتقوية حليفها الاستراتيجي ( الكيان الصهيوني ) الأمر الذي سيجعل الجميع ضعفاء ممزقين لا يمكنهم حماية أنفسهم من أي خطر قادم .
على السياسيين ( السنة والشيعة) ان لا ينساقوا كثيراً وراء هذه الدعوات ، وان لا يسمحوا بتقسيم البلاد وتهديد سيادته وأراضيه ، وان ينأوا بأنفسهم من دعاة التقسيم الذين كشروّا عن أنيابهم وكشفوا نواياهم الشريرة في تمزيق البلاد وجعله ولايات تابعة لجيران السوء .