على المواطن العراقي أن يتمتع بحس الدعابة، وهو يقرأ أخبار السياسة في العراق، فعندما يستيقظ من النوم في كل صباح، يكون أول شيء يسمعه عدد الشتائم التي اطلقتها حنان الفتلاوي ضد من يفكر مجرد التفكير باستدعاء "فخامته" الى البرلمان، وسؤاله عما جرى في الموصل، وعليه قبل ان يذهب الى الحمام ان يتأكد من انه لن يتهم " بالانبطاحية "، لانه لم يصفق لكل حرف نطقت به أمس عالية نصيف، وبدلا من ان يسأل ما هي اخبار مصفى بيجى، واين وصل الصراع على النخيب، عليه ان يتذكر صالح المطلك، ويضحك، ثم يسال اين اختفى النواب الذين صدعوا رؤوسنا بالطائرات الامريكية التي تنقل داعش من محافظة الى اخرى؟، وان ينتبه الى التصريح الذي اطلقه احد اعضاء مجلس محافظة بغداد غالب الزاملي من ان "أمين بغداد السابق نعيم عبعوب عاد لمزاولة عمله في أمانة العاصمة كوكيل بلدي منذ اربعة ايام".
تخيلوا أن العلاقة بين موظف والحكومة، تقوم على فنون النكتة، في قضية مهمة، مثل قضية الخدمات، وتخيلوا اكثر ان بعض سياسيينا مصرون على ان يدخلونا الى موسوعة غينيس تحت بند الكذب والخديعة وسرقة احلام الناس واموالهم ومستقبل ابنائهم.
وبعكس الارقام القياسية التي يريد ان يدخلنا بها ساستنا الى التاريخ من اوسع ابوابه، نقرأ الاخبار التي تقول ان "الكافرة" انجيليا جولي تبرعت بـ٢٥ مليون دولار لنازحي سوريا والعراق، وان "الامبريالي" بيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت تبرع بنصف ثرواته للأعمال الإنسانية والخيرية، وهو بالتاكيد يستنسخ تجربة مليارديريينا الجدد "التعهد بالسرقة" حيث استطاعت الدولة العراقية وبنجاح ان تحول ثروات البلاد الى جيوب الساسة والمسؤولين.
يحاول بيل غيتس إنهاء الملاريا والجدري في الدول الفقيرة، كما ان المنح الدراسية التي يوزعها ساهمت إلى حد في تقليل انتشار الأمية بين الفقراء، ولا لون ولا طائفة ولا هوية دينية للذين يتلقون المساعدات، واتمنى على سياسيينا، أن يخصصوا ٥% على الأقل من ثرواتهم لفقراء العراق الذين تجاوزت نسبتهم الـ٣٠ %، خصوصا أن معظم اصحاب الثروات هذه ساهموا بفاعلية في نهب البلاد وخيراتها وثروات بسطائها ومستضعفيها.
يكتب بيل غيتس في مقال عن الاقتصاد "ان المستويات العالية التي وصلت اليها عدم المساواة هي مشكلة حقيقية، تجعل من الديمقراطية اداة في خدمة القوى الحاكمة، وتقوّض أساس فكرة أن جميع البشر قد خلقوا متساوين".
فيما يكتب ساستنا كل يوم عبارات كوميدية عن التغيير ورفض التدخل الخارجي والمؤامرة الكونية، وإزالة العراق القديم عن الخارطة، وانشاء عراق جديد من ٣٢٨ محافظة تسمى كل واحدة باسم نائب، كما يتمنى ويشتهى السيد عبعوب صاحب العبارة الاثيرة " كل شيء زرق ورق، الا ما صنعته يداي ".