جاء ذلك في كلمته التي ألقاها في المؤتمر الإسلامي الدولي للحوار والتقريب الذي عقد ببغداد السبت ٢٧/٤/٢٠١٣ بحضور جمع غفير من رجال الدين والعلم والشخصيات السياسية من داخل العراق وخارجه .
وأشار سماحته الى ان آيات القرآن الكريم تدعو الى قاعدة من قواعد الاسلام العظيم وهي الدعوة الى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، والحوار المبني على أساس العقيدة ، واحترام حق الآخر في الإختلاف والإبتعاد عن العنف وهدر الدماء ، مبينا ان هذه المرحلة تشهد قتل المسلمين بالجملة في العراق و في غيره من المناطق من قِبل أدعياء الدين والإسلام , واصفا ذلك بانها مؤامرة كبرى على الإسلام ومبادئه العظيمة السامية الداعية الى التسامح واحترام الدماء.
واعتبر سماحته هذه المرحلة التاريخية من أخطر المراحل في حياة المسلمين ، حيث وصف الفتاوى التي تجيز قتل المسلم لانه من مذهب آخر بانه اعتداء على الاسلام وكتاب الله وعلى رسوله الكريم ، فضلا عن كونه اعتداء على الحرمات والدماء وفساد في الارض ، مشيدا بحكمة المرجعيات الدينية في العراق التي منعت من اشتعال الحرب الطائفية ودفعت باتجاه الوحدة الوطنية ومقاومة المشاريع التي حاولت وما تزال تمزيق وحدة الشعب العراقي من خلال تصعيد وتائر الشدّ الطائفي تحت مختلف الذرائع والمسمّيات .
كما أكد سماحته على حرص المرجعية الدينية على الامة وحقن دماءها ومقاومة الظلم والظالمين بدون النظر الى انتماءات المذهب والقومية ، حيث اشار في هذا الصدد الى فتوى الامام السيد محسن الحكيم (قده) بحرمة قتل الكرد وجواز اعطاء أموال الزكاة للفدائيين الفلسطينيين المدافعين عن حقهم في أرضهم والطلب من الرئيس جمال عبدالناصر بصرف النظر عن حكم الاعدام بحق السيد قطب ، لافتا الى ان المرجعية الحاضرة اليوم وفي مقدمتها المرجع الاعلى السيد السيستاني يامرنا بالنظر الى اخواننا السنة على انهم انفسنا وليس اخواننا فحسب ، مشيرا الى ان هذه المواقف انما تنبع من عمق الرؤية الفكرية والفقهية الدينية لحقوق الانسان وكرامة الانسان المسلم خصوصا والانسان كانسان عموما .
وشدد سماحته على إن السلام والأمان والاستقرار في العراق سيكون من أهم عوامل النهوض في هذا الوطن المليء بالخيرات ، و أن من مصلحة الجميع أن يعمّ الاستقرار ليتوجهوا جميعا نحو البناء ، مبينا أن استقرار العراق من اهم عوامل الاستقرار في المنطقة ، مؤكدا الحرص على الدفاع عن المنجزات التي تحققت والمتمثلة بالدستور والقبول بالتعددية السياسية وحرية الرأي ، مشددا على ان العراق لا يمكن ان يستقر الا بتحقيق العدالة لان الظلم معول يطيح باعظم الدول إن عاجلا أو آجلاً .
وأشار سماحته الى أن علماء الدين ومراجعه العظام هم صمام الأمان لهذه الأمّة وان بامكانهم وأد كل فتنة تحاول تأجيج الصراع بين ابناء الدين الواحد ، مبينا ان العالم الاسلامي ابتلي بظهور الفئات التي لا تخاف الله في دماء المسلمين فراحت تكفّر وتهدر دماء من تشاء من المسلمين وارتكبت المجازر باسم الدين ، مشددا على ضرورة تصدي العلماء لمثل هذه الجرائم ، مؤكدا سماحته مضي العراقيين ورغم كل الصعوبات نحو بناء العراق على اساس الشراكة الحقيقية بدون انتقاص او عدوان او تهميش لاحد، واحترام كل المؤسسات الدستورية ودعمها ورفض اي تجاوز على صلاحياتها، لإن اي تجاوز سيؤدي الى الفوضى .
كما اعتبر سماحته ان دور علماء الدين في التقريب بين النفوس وابناء الدين الواحد على انه دور حيوي ومحوري ، معربا عن الامل من علماء الدين في العراق والعالمين العربي والاسلامي استشعار الخطر الداهم الذي يستهدف الجميع بسبب التصعيد الواضح في الخطاب الطائفي في النزاعات السياسية هنا أو هناك ، داعيا في الوقت نفسه الحكام الى الالتفات الى شعوبهم ومنحهم حقوقهم المشروعة .