وشهدت مدينة المقدادية نزوح اكثر من ٢٠٠ عائلة خوفا من اعمال عنف طائفية على خلفية اعتقال عدد من منفذي الهجمات المسلحة التي استهدفت مجالس عزاء وراح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى، واكدت التحقيقات ضلوع عدد من ابناء العوائل النازحة بالهجمات المسلحة، بعد تشكيل لجنة لتقصي الحقائق بشأن التطورات الأخيرة في ديالى.
ويقول قائممقام المقدادية زيد ابراهيم لـ"شفق نيوز" ان هناك مساع وتحركات عشائرية لاحتواء وتطويق ازمة المقدادية، مشيرا الى ان الاجهزة الامنية اعادت ترتيب صفوفها لمنع وقوع أي خروقات اوتداعيات امنية.
ويوضح ابراهيم ان بعض العوائل نزحت تلقائيا خوفا من اعمال عنف محتملة؛ فيما تعرضت عوائل اخرى لضغوطات اجبرتها على النزوح، داعيا مستشارية المصالحة الوطنية في الحكومة العراقية التدخل بالتنسيق مع العشائر لاطفاء فتيل الازمة ومنع حدوث أي انعكاسات او تداعيات سلبية على امن المواطن.
ولم يؤكد قائممقام المقدادية تعرض العوائل في المقدادية لتجاوزات ومضايقات من قبل الاجهزة الامنية بقوله ان "بعض المواطنين ذكروا انهم تعرضوا لتجاوزات".
وذكر نواب عن القائمة العراقية في تصريحات صحفية ان بعض العوائل تعرضت لتجاوزات ومضايقات وتهديدات من بعض المسلحين والاجهزة الامنية اجبرتهم على النزوح، لكن نوابا ومسؤولين "شيعة" نفوا ذلك واكدوا ان الاجهزة الامنية تقوم بدورها الامني في تعقب العناصر المتورطة في الهجمات التي طالت مجالس العزاء في المقدادية، وادت دورها بمهنية عالية.
ويرى المحلل السياسي والباحث في شؤون الارهاب اسماعيل علوان التميمي، في حديث لـ"شفق نيوز"، ان مشكلة قضاء المقدادية أثارها تنظيم القاعدة لـ"تعزيز وجوده في حوض حمرين وبدأ يجند انتحاريين لمهاجمة اهداف منتخبة وقام بمهاجمة ثلاث مجالس عزاء في المقدادية خلال مدة زمنية قصيرة".
ويعد التميمي ملف المقدادية ملفا قضائيا "بعد ثبوت تورط عدد من ابناء العوائل التي تركت منازلها بعمليات التفجير والتخطيط لمهاجمة مجالس العزاء، ما ولد حساسية خطيرة"، مطالبا بتدخل سياسي ينزع فتيل الازمة قبل انفجارها بشكل لا يمكن السيطرة عليه.
ويدعو التميمي نواب ديالى الى دعم الجهود الامنية والقضائية لاعتقال منفذي تفجيرات المقدادية بدلا من التدخل في ملف الامن وازمة المقدادية لـ"دواع انتخابية وليس حرصا على الدماء".
ويضيف ان ازمة المقدادية لا تحتمل أي تصعيد سياسي عبر التصريحات غير المدروسة والتي ربما تتحول الى عوامل مساعدة لاثارة الفتنة.
بدوره يشجب الناطق الرسمي باسم عشائر بني تميم "الشيعية" في ديالى الشيخ عدنان غضبان الملاجواد، في حديث لـ"شفق نيوز"، الاتهامات الموجهة اليها بالوقوف وراء عمليات التهجير الطائفي في المقدادية بقوله ان "عشائر بني تميم الاكثر تضررا من العمليات الارهابية في ديالى وفقدت اكثر من ٦٠٠٠ شخص من المدنيين والاجهزة الامنية خلال الاعوام السابقة".
ويؤكد الملا جواد ان عشائر بني تميم بعيدة عن أي عمليات تهجير او تأجيج طائفي، وهي الراعي الاول لمؤتمرات المصالحة وفض النزاعات في عموم المحافظة، مطالبا بتسليم "المجرمين" الضالعين بتفجيرات المقدادية لتهدئة الموقف.
ويلفت الملا جواد الى "سقوط اكثر من ٥٠ قتيلا من عشائر بني تميم جراء الهجمات التي طالت قضاء المقدادية خلال الفترة القصيرة الماضية"، مضيفا انهم سيبقون "عنوانا للتصالح والتسامح في المحافظة".
ودعا رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي الى عقد جلسة علنية طارئة لمناقشة الاوضاع في محافظة ديالى من اجل "ردع المخالفين والارهابيين" في ديالى وتخفيف حدة التوتر لتطويق الازمة، ومن ثم ايجاد الحلول لانهاء ما يتعرض له ابناء هذه المدينة يوميا من استهداف صارخ وواضح، بحسب البيان الاعلامي الصادر من مكتبه.
بدوره اعلن محافظ ديالى عمر الحميري عن تشكيل خلية ازمة المقدادية لتامين اعادة الأسر النازحة لمنازلها والاسراع بانصاف ذوي ضحايا الارهاب وضمان حقوقهم القانونية.
ويوضح الحميري في بيان صحفي ورد لـ"شفق نيوز" ان ادارة ديالى قررت تشكيل خلية ازمة خاصة بقضاء المقدادية تتالف من دوائر حكومية متعددة من بينها ادارة ومجلس المحافظة والمصالحة الوطنية والقوى الامنية بالاضافة الى الاوقاف الدينية وشخصيات عشائرية، من اجل تامين عودة جميع الاسر التي نزحت من منازلها في الايام الماضية جراء الازمة الامنية التي مر بها القضاء.
ويشير الحميري الى ان الاجواء الامنية في قضاء المقدادية مستقرة الى حد كبير، وان الازمة مضت الى غير رجعة وما نفعله الان هو اعادة الامور الى وضعها الطبيعي، لافتا الى ان حكمة العقلاء كانت ركيزة مهمة في منع نشوب صراع دموي كاد يذهب بالجميع الى حافة الهاوية.
وتقع مدينة المقدادية على بعد ٣٥ كم شمال شرق بعقوبة ويسكنها نحو ٣٠٠ ألف نسمة، وهم خليط من "السنة والشيعة"، وتحيط بها مناطق جلولاء (شمال) ذات الغالبية السنية، والخالص (غرب) ذات الغالبية الشيعية، ومندلي (شرق) التي يقطنها الكورد الفيليون، وتتراوح نسبة السكان العرب ٧٠ -٧٥% و٢٠% كورد وما بين ٣%-٤% تركمان.
ويتخوف العراقيون بشدة من تزايد الانقسامات الطائفية في البلد الذي تأثر بشدة بالحرب الدائرة في سوريا، وذلك بالتزامن مع ارتفاع الهجمات التي تشنها تنظيمات مرتبطة بالقاعدة توسع نفوذها مؤخرا.
وقتل عشرات الألوف من العراقيين في أعمال عنف طائفية بين السنة والشيعة بين عامي ٢٠٠٦ و٢٠٠٨.