وقالت مراقبة الحماية القانونية والباحثة الاجتماعية في منظمة بنت الرافدين، داليا صباح إن "حي الميثاق، الواقع بين ناحية السدة وقضاء المسيب،(٣٥ كم شمال الحلة)، من الاحياء التي زارتها منظمة بنت الرافدين لتقديم الخدمة القانونية للعوائل المهجرة والمتعففة"، واستدركت "لكن تغير مسار الزيارة بعد ان زرنا العوائل فوجدنا بالصدفة افرادا مصابين بمرض السرطان يفوق التصور بالنسبة لعدد السكان".
وأضافت صباح "استطعنا الحصول على وثائق وتقارير طبية طبية تثبت بان الحي يعاني الكثير من الامراض منها الربو والتشوه الخلقي الولادي وحالات الاختناق وكل هذا بسبب شركة الفرات للصناعات البتروكيمياوية"، وأشارت الى "اننا فاتحنا دائرة صحة بابل لارسال فريق طبي وصحي للحي والتعرف عن كثب على مشاكل الحي الصحية اذ توجد فيه ٣٨ حالة سرطانية اضافة الى وفاة اثنين بالمرض نفسه".
وبينت "كنت أتمنى ان تضم الفرقة الطبية المتواجدة اليوم اطباء اختصاص ليجروا الفحوصات والتحاليل واخذ الاشعة لاهالي الحي بدلا من الكشف الاعتيادي عليهم"، لافتة الى أن "العمال في الشركة كانوا يستلمون التقارير الطبية عن فحصهم كل شهرين وهذا شيء متعارف عليه كون المصنع والمواد الداخلة في التصنيع تتعامل بالمواد الكمياوية"، مستدركة "لكن الان لا تطلعهم الجهة المختصة بفحصهم على هذه التقارير فاجرى غالبيتهم الفحوص خارجا ووجدوا ان في دمهم نسبة من مادة الزئبق وهي مادة مسرطنة".
حملة انقاذ الحي: الحكومة المحلية تتعمد اهمالنا
ومن جانبه، قال رئيس اللجنة الاعلامية في (حملة انقاذ حي الميثاق)، والناشط في مجال حقوق الانسان الاعلامي حسين الفنهراوي، إن "حي الميثاق من الاحياء المنكوبة ومع الاسف هناك اهمال متعمد من قبل الحكومة المحلية في بابل مع ان اكثر من اربعة اعضاء في الحكومة المحلية يسكنون قرب هذا الحي اضافة الى ثلاثة اعضاء من مجلس النواب من المناطق القريبة عليه".
وأضاف الفنهراوي أن "هناك مشكلة اخرى وهي تبعية الحي اداريا الى قضاء المسيب وبلديا الى ناحية السدة وهذا تعمد اخر للاهمال"، وأشار الى أن "الحي تسكنه اكثر من ٦٠٠ عائلة يستخدمها اعضاء البرلمان ومجلس المحافظة لحصد الاصوات منهم ومن ثم تركهم للدورة القادمة".
قائممقام المسيب: لا صلاحية لنا لإغلاق المعمل
وبدوره، قال قائممقام قضاء المسيب عبد الكريم عبد الجبار إن "تم ربط حي الميثاق بقضاء المسيب خلال الاشهر القليلة الماضية بدلا من ناحية سدة الهندية من اجل تقديم الخدمات له ورعايته"، وبين أن "خطة عام ٢٠١٤ الخاصة بالقضاء تم تخصيص مليارين ونصف المليار دينار لتأهيل المنظومة الكهربائية اضافة الى تبليط الشوارع الرئيسية والحي تم شموله بالمجاري المخصصة للقضاء والتي سيتم العمل بها بداية السنة الجديدة".
وأضاف عبد الجبار "كتبنا العشرات من الكتب للمحافظة والبيئة وشركة الفرات حول الاضرار الصحية والبيئية التي تسببها الشركة للمواطنين ليس في حي الميثاق بل في كثير من الاحياء بالمسيب"، مؤكدا أنه "ليس لدينا صلاحيات لاغلاق المعمل لانه تابع لوزارة الصناعة التي تقوم بتأهيل المعمل ليكون صديقا للبيئة"، وطالب بأن "تقوم بيئة بابل باتخاذ الاجراءات القانونية ضد الشركة لمخالفتها المحددات البيئية".
أحد ساكني الحي: اصبت بمرض السرطان بسبب ابخرة وغازات شركة الفرات
الى ذلك، قال المواطن من سكنة حي الميثاق والمصاب بمرض السرطان، خليل ابراهيم، "أنني اصبت بمرض السرطان بسبب الابخرة والغازات والمواد الكيميائية التي تطلق بالهواء من شركة الفرات للمواد الكمياوية المقابلة للحي"، وتابع "اجريت لي عملية استئصال للورم السرطاني وعولجت ٦ مرات كمياويا".
واضاف ابراهيم أنه "اذا تم الكشف على سكان الحي الذي يتألف من ٦٠٠ عائلة لوجدنا الكثير من الحالات السرطانية"، مشيرا الى أن "الحي منكوب بيئيا وصحيا وخدميا ولاتوجد فيه مجاري او طرق مبلطة ومنظومة الكهرباء منتهية وتحتاج الى تأهيل"، مؤكدا أن "الحي لايطاق ليلا أو نهارا بسب الابخرة المنبعثة من الشركة ونحن نخاف على عوائلنا ان تصاب بالامراض الخبيثة".
يشار الى أن شركة الفرات للصناعات الكمياوية تأسست عام ١٩٦٧ باسم معمل حرير السدة، واضيفت اليها مصانع جديدة لانتاج الكلور الذي يستعمل في تعقيم المياه، ويسكن حي الميثاق موظفو الشركة، وهو يتكون من ٢٥٠ منزلا و١٥٠ شقة سكنية و٢٠٠ منزلا متجاوزا.
وكان أطباء وباحثون كشفوا، في (٢٣ تشرين الاول ٢٠١٣)، عن "ارتفاع ملحوظ" في معدلات الاصابة بالامراض السرطانية في المنطقة الجنوبية من العراق، وبينوا أنه "واحد من اخطر ثلاثة امراض تؤدي الى الوفاة" في المنطقة، لكنهم اشاروا الى أن هذا الارتفاع "ليس بالحجم الذي تهوله بعض وسائل الاعلام".
وكانت وزارة الصحة العراقية اكدت، في (٦ ايلول ٢٠١٣)، أن العراق "لا يزال مستقرا بين أقل الدول" من حيث الاصابات السرطانية، وفيما حذر مختصون من "تضاعف معدل الاصابات الى الضعف خلال العقد المقبل"، كشفت لجنة الصحة النيابية عن "بدء تجهيز المراكز السرطانية بعلاجات باهظة الثمن لم تكن متوفرة سابقا".
وكانت دائرة صحة البصرة كشفت، في (١٥ آب ٢٠١٣)، عن وجود ٧٠ إصابة بمرض السرطان لكل ١٠٠ ألف نسمة، ويشكل الأطفال ١٢% من النسبة المعلنة، مشيرة إلى تخصيص ١٠ مليارات دينار لتوفير الأدوية اللازمة لمكافحة المرض.
يذكر أن تقريراً أعدته (بيس غروب) أو مجموعة السلام الهولندية، في (السابع من ايار ٢٠١٣)، بين أن القوات الأميركية والمتحالفة معها استعملت بنحو ٤٠٠ طن من أسلحة اليورانيوم المنضب ضد الأهداف العسكرية والمدنية على نطاق واسع لاسيما في مناطق جنوبي العراق ووسطه، في حربي ١٩٩١ و٢٠٠٣، مؤكدة أن تأثيراتها كانت أكثر بمئة مرة من تلك التي سببتها كارثة التسرب الاشعاعي من مفاعل "تشيرنوبل" زمن الاتحاد السوفيتي السابق، وأن ما يفاقم خطر تلك الأسلحة المشعة هو ضعف قدرة العراق على معالجتها والتقاعس الدولي لاسيما الأميركي والبريطاني في هذا الشأن، وأن العراق يحتاج لنحو ٣٠ مليون دولار لتنظيف أكثر من ٣٠٠ موقع ملوث.
واليورانيوم المنضب هو مادة مشعة سامة، على شكل معدن صلب ثقيل ينتج من مخلفات صناعة الطاقة النووية ويستخدم في الأسلحة لصلابته العالية، التي يمكنها اختراق الدروع. لكنه يؤدي إلى تلويث البيئة بالإشعاع المسبب لكثير من الأمراض بين السكان المدنيين. وكان الأطباء العراقيون أكدوا زيادة حالات الإصابة بالسرطان والولادات المشوهة حيث تجري منظمة الصحة العالمية تحقيقاً بهذا الأمر مع وزارة الصحة العراقية.