شكلت حادثة منع طائرة تابعة لخطوط الشرق الأوسط اللبنانية على خلفية عدم نقلها نجل وزير النقل هادي العامري، مفاجأة غير متوقعة للعديد من المسؤولين والنواب الذين عدوها سابقة "أذهلتهم"، فيما واجهها الشارع بسيل من التهكمات، وبين هذا وذاك، اتخذت الحكومة موقفاً وجده كثيرون "صارماً" وسيعيد الاعتبار لسمعة العراق.
الحادثة تمثل سابقة في العلاقات بين العراق ولبنان التي يجب أن تكون على قدر كبير من "المهنية"، على حد تعبير وزير النقل الأسبق سلام المالكي.
ويرى المالكي ، إن "حادثة الطائرة اللبنانية شهدت مبالغة واستغلت كدعاية"، مستبعداً أن "يكون وزير النقل هادي العامري قد رضخ لمطالب نجله بعدم السماح للطائرة بالهبوط".
ودعا المالكي الى "ضرورة إجراء تحقيق لتوضيح ملابسات القضية، وأن لا تكون هناك تدخلات تؤثر على سير التحقيق"، مبيناً أن معرفته بالوزير العامري تجعله يستبعد حدوث مثل هكذا أمر.
ورجح المالكي أن تكون "الحادثة ناتجة عن خطأ إداري غير مقصود".
مساس للسيادة أصاب نواباً بـ"الذهول"
بالمقابل تقول رئيس لجنة الخدمات النيابية فيان دخيل لـ"السومرية نيوز" إن "حادثة إرجاع طائرة تابعة لشركة الشرق الأوسط اللبنانية بعد ٢٠ دقيقة من إقلاعها، أذهلتنا جميعا"، معتبرة الحادثة "مساساً بالسيادة العراقية، لأن قرار منع طائرة من الهبوط في الأراضي العراقية قرار سيادي ولا يمكن أن يتخذ تحت وطأة تأثيرات شخصية أو رغبات فردية".
وتلفت دخيل الى أن "الحادث يمس سيادة وسمعة الدولة العراقية"، مبينة أن "بعض المسؤولين قالوا إن الطائرة منعت من الهبوط بسبب وجود أعمال تنظيف في مدارج المطار، وهذا غير ممكن لان أي طائرة لا تتجه من دولة لأخرى دون أخذ جميع التصريحات بالهبوط، وهذه الموافقات لا يمكن أن تتغير والطائرة في الجو".
واعتبرت دخيل هبوط الطائرة "سابقة خطيرة وتؤثر على سمعة الدولة العراقية"، مطالبة بـ"محاسبة المسؤولين عن هذا الموضوع بعد إكمال التحقيقات".
وأشارت الى أن "لجنتها اتصلت بالسلطات اللبنانية وحصلت منها على التحقيق الأولي"، مؤكدة أن "السلطات العراقية المعنية لم تكن متعاونة في بداية الأمر".
وأكدت أن لجنة الخدمات النيابية تعتزم "رفع تقرير مفصل عن الحادث والمطالبة باستجواب من تسببوا به"، محملة "سلطة الطيران المدني المسؤولية الكاملة عن الحادثة".
وبينت دخيل أن "وزارة النقل في الفترة الأخيرة كان لديها نسب انجاز عالية، وهذه الحادثة لا ترتبط بعمل الوزارة مباشرة"، مبينة أن "الوزارة فيها الكثير من المفاصل وهذه الحادثة تتصل مباشرة بسلطة الطيران المدني ولا يمكن تعميمها على كل الوزارة".
وأشادت بـ"تعامل رئيس الوزراء نوري المالكي مع القضية وتعهده بمعاقبة المسؤولين عن الحادث".
وحذرت دخيل من "تسويف الأمر مثل كل مرة، ومحاسبة موظفين تأثيرهم محدود بينما تترك الرؤوس الكبيرة"، مؤكدة على "أهمية إجراء تحقيق فعلي ومعاقبة المسؤولين المباشرين عن الأمر".
الحكومة تتوعد المسؤولين عن الحادث بالحساب
وأكد المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء علي الموسوي، أن رئيس الوزراء نوري المالكي وجه بطرد ومحاسبة من تثبت مسؤوليته عن عدم السماح للطائرة القادمة من بيروت بالهبوط في العاصمة بغداد.
وقال الموسوي في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "المالكي وجه بطرد ومحاسبة كل من تثبت مسؤوليته عن عدم السماح للطائرة القادمة من العاصمة اللبنانية بيروت بالهبوط في العاصمة بغداد".
وأعلن مكتب رئيس الوزراء، أمس الخميس (٦ آذار ٢٠١٤)، عن تشكيل لجنة تحقيقية بالحادثة، مؤكداً نقل المسافرين على الخطوط العراقية مجاناً.
وأجرى المالكي، الجمعة (٧ آذار ٢٠١٤)، اتصالاً بوزير الأشغال العامة والنقل اللبناني غازي زعيتر، حيث أبلغه استياءه من تصرف ادارة مطار بغداد حيال الطائرة اللبنانية، مؤكدا اتخاذ أقصى العقوبات بحق من اتخذ القرار الخاطئ، في حين اعتقلت قوة أمنية معاون مدير مطار بغداد الدولي سامر كبة على خلفية الحادثة.
ولقيت الحادثة استهجاناً في الأوساط الدينية أيضاً، حيث قال خطيب جامع الخلاني في بغداد محمد الحيدري في خطبة الجمعة، إن "ما حدث من قيام ابن وزير عراقي بإعادة الطائرة اللبنانية وإرجاعها إلى لبنان، هو ظاهرة خطيرة أعادت لنا ذكريات سيطرة أبناء المسؤولين بشكل مؤذ كما كان يحدث سابقا".
وأكد الحيدري على أن "ابن المسؤول ليس له مسؤولية على أحد، ويجب أن يتساوى مع بقية الناس، أما أن يأخذ من الآخرين ما يريده بالقوة فهذه ثقافة خاطئة ومرفوضة".
يذكر أن الوكالة الوطنية اللبنانية الرسمية كشفت، الخميس (٦ آذار ٢٠١٤)، عن أن السلطات العراقية منعت طائرة لبنانية تابعة لطيران الشرق الاوسط من الهبوط لعدم نقلها نجل وزير النقل العراقي هادي العامري لتأخره على موعد انطلاق الطائرة.