تناول ممثل المرجعية الدينية العليا وخطيب الجمعة في كربلاء المقدسة سماحة السيد احمد الصافي في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة التي أقيمت في الصحن الحسيني الشريف في ٢١ ربيع الأول ١٤٣٢هـ الموافق ٢٥-٢-٢٠١١م المشاكل التي تعاني منها المنطقة ولاسيما العراق حيث يمر بأزمات لابد من وضع الحلول الناجعة والميدانية لها بعد تشخيصها، وأضاف إن العراق مرّ بادوار كثيرة وهذه الأدوار ولدّت حالة فقدان الثقة بين المسؤول الحكومي والناس .. وكلما كان جسر الثقة بين الطرفين ممتداً كلما كانت هناك إيضاحات عند الناس حتى لا ترتبك عندها الأفكار والمعاني، مشيرا إلى إن إبقاء الجماهير أسيرة لمسألة رأي من هنا ورأي من هناك وإعلام موافق أو إعلام مضاد ستزيد من حالة الإرباك والارتباك وستبقى عملية الضبابية في نفسية الإنسان.
وأكد سماحته إن الكثير من دول العالم ونحن نؤمن بشكل أو بآخر إن مسألة الحوار من المسائل المهمة والحضارية والتي ترفع أي إشكال مع تبني فكرة الصراحة التي تقتضي أن يكون المسؤول صريحاً مع المواطن خصوصاً في الوزارات الخدمية والوزارات التي لها علاقة مباشرة مع المواطنين حتى نستطيع حل جزء من المشكلة، وإذا لم يكن المسؤول صريحاً ستتفاقم المشكلة أيا كانت وسنبقى ندور بحلقة مفرغة تبدأ ولا تنتهي.
وطالب أن يفرد كل وزير من الوزارات وقتاً كافياً في كل شهر ولو مرة واحدة وأمام الفضائيات ويبين ما هي سياسته في الوزارة ؟ وما هي خطته الإصلاحية ؟ ما هي مشاريعه المستقبلية ؟ ما هي المعوقات التي تقف أمامه ؟ هل هي معوّق تشريعي حتى يسمع البرلمان؟! هل هي معوّق تنفيذي حتى يسمع رئيس الوزراء ؟! هل هي معوّق من كيانات أخرى حتى يسمع الآخرون ؟! بعد ذلك يبدأ لقاء مفتوح مع الناس عن طريق الهاتف وتدوّن هذه الجلسة ونحن سنراقب الوزير الفلاني بهذه الطريقة ..ونبدأ نتابع انجازات وأعمال الوزير كل شهر حتى نرى ما هو عمل هذه الوزارة .. وهذه الطريقة لا تسيء لأحد وتجعل الناس أمام رؤية واضحة بشرط أن يكون الوزير صريحاً وواضحاً وواقعيا.
وعقب بقوله: قد تكون هناك بعض الأخبار والأمور لا تصل إلى الوزير بسبب إن هناك بعض المجاميع الخاصة في التشكيلة الوزارية تقدّم المصلحة الشخصية على المصلحة العامة، وبالنتيجة سنحصل على أداء غير جيد مع إن الوزير يقول الأداء جيد، وسيكون هناك تضاد ما بين رأي الناس وما بين رأي الوزير إلى أن تنتهي الدورة وإذا يكتشف الوزير نفسه إن وزارته لم تنجز شيئاً وهذه الملفات الكبيرة التي قيل له إنها أنجزت لم تكن منجزة وإنما كانت عبارة عن فكرة مشاريع!.
وتابع إن هذه الطريقة اطرحها أمام المسؤولين ولا تحتاج إلى مزيد من التأمل، ووجه سؤاله للمسؤول قائلا: لا تجعل الناس تتكلم عليك بسبب مجاملات شخصية؟! ارفق بنفسك وتكلم بشكل صريح أمام الناس.
وعزى إن بعض المشاكل قد تحتاج لحلها شهرين أو ستة أشهر وهذا بحسب نوعية المشكلة، بيد إن هناك ثمة مشاكل قد لا تحتاج إلى هذه الفترة الزمنية من قبيل الفجوة الكبيرة بين المخصصات المالية لكبار موظفي الدولة ومسألة التقاعد لأعضاء الجمعية والبرلمان وبين سائر الناس، هذه مشكلة لا تحتاج إلى فترة زمنية وهذه تحتاج إلى حلول فورية، كذلك مسألة الأراضي السكنية فهذا الأمر لا يحتاج إلى تخصيصات مالية وإنما يحتاج إلى قرار فقط ! يتم اعطاء كل عراقي تعدى ١٨ عاماً قطعة ارض، وتساءل الا يحق لكل مواطن عراقي أن يملك قطعة ارض؟! هذا إجراء لا يكلف الدولة شيئاً، ومن غير المعقول إن الشعب عندما يطالب بما يستحق نحن لا نصغي له.
وعن المظاهرات التي هي حديث الشارع الآن تطرق سماحته إن المواطن عندما يتظاهر إنما يتظاهر لسبب والناس عندما تتجمع وتعلن إنها تريد أن تتظاهر والدستور كفل هذا الحق لجميع العراقيين والذي يعبّر عنه بالتظاهر السلمي لكي تسمع المسؤول بمطاليبها، وهذا الأمر مهم جداً وعصري ولابد من تثقيف الناس دائماً على التظاهر السلمي لأنه نوع من إيصال المظلومية وهذا حق، وهذه التظاهرات لابد أن تبقى محافظة على قداستها وقوتها ومحافظة على تلبية المطالب التي خرجت من أجلها وأن تحافظ على الممتلكات العامة والخاصة وتحافظ على أرواح الناس، فحينئذ لابد للمسؤولين التفاعل معها وتلبية مطاليبها المشروعة.
من جانب اخر بين ان الناس عندما تنتخب تريد أن يتأسس نظام يتكون من مؤسسات الدولة وقوانين الدولة والغرض منها خدمة المواطن، وعندما يتحول المتظاهر السلمي المظلوم ويجر - لا سمح الله - إلى عبث بهذه المؤسسة سيتحول إلى ضرر وقطعاً هذا ما لا يريده المتظاهرون.
وأكد إنه لابد أن يسمع صوت الناس وعلى المسؤول أن يتفاعل وان يشجع هذا الشخص المتظاهر سلمياً لأنه اخبره بالمشكلة التي عنده، ولابد أن يركز المتظاهر على مطالبه المشروعة وهذه مسألة حضارية ومهمة وتنبّه المسؤول على إن الشعب عنده بعض المطالب وهو بحاجة إلى وضع الحلول الناجعة لها. أما بالنسبة إلى عملية الفوضى التي يريد أن يستغلها البعض فإنها تحتاج إلى مزيد من الانتباه واليقظة.
وفي الختام قال سماحة السيد الصافي إن الشعب الذي خرج الى الانتخابات هو الشعب الذي يتظاهر فهو شعب متحضر .. هذا الأمر هو الأمر الحضاري الذي نشجع عليه وفي الوقت نفسه فإن كل كلام خلاف ذلك كلام غير منضبط وغير صحيح.