وبعد ٤٥ دقيقة قال الرئيس الأميركي إنه أصدر أوامره لتوجيه "ضربة الفرصة" الذي عُلم لاحقاً أنها كانت ضربة استهدفت منزلاً كان يُعتقد بوجود صدام حسين فيه.
"الضوء الأخضر" للحرب انطلق في تلك اللحظة من قبل قوات ائتلافية شكلت القوات العسكرية الأميركية والبريطانية نسبة ٩٨ في المئة منها. عملية تسببت بأكبر خسائر بشرية في صفوف المدنيين في تاريخ العراق، ومنحتهم ما قيل إنه فرصة للديمقراطية والتخلص من حكم ديكتاتوري.
لماذا الحرب؟
حاولت الإدارة الأميركية تجنب الضغوط بتقديم مجموعة من التبريرات لإثبات شرعية حربها، كاستمرار حكومة صدام حسين في عدم تطبيق قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالسماح للجان تفتيش الأسلحة بمزاولة أعمالها في العراق.
ومن ضمن تبريرات واشنطن استمرار الحكومة العراقية بتصنيع وامتلاك أسلحة دمار شامل وعدم تعاون القيادة العراقية في تطبيق ١٩ قراراً للأمم المتحدة بشأن إعطاء بيانات كاملة عن ترسانتها من أسلحة الدمار الشامل. لا أنه حتى اليوم لم يُعثر على هذه الأسلحة في العراق.
واتهمت واشنطن أيضاً حكومة العراق بإقامة علاقات مع تنظيم "القاعدة" ومنظمات "إرهابية" أخرى تشكّل خطراً على أمن العالم واستقراره.
وفي النهاية قالت إن الغرض الآخر من الغزو يكمن في نشر "الأفكار الديمقراطية" في منطقة الشرق الأوسط.
بعد نحو ثلاثة أسابيع من القتال سقطت الحكومة العراقية. وخوفاً من تكرار ما حدث في حرب الخليج الثانية من إشعال للنيران في حقول النفط، أحكمت القوات البريطانية سيطرتها على حقول نفط الرميلة وأم قصر والفاو بمساعدة القوات الأسترالية. وتمت السيطرة على البصرة في ٢٧ آذار بعد تدمير ١٤ دبابة عراقية، فيما انهارت القوات العراقية في مدينة العمارة في محافظة ميسان في جنوب البلاد في ٩ نيسان.
في هذه الأثناء، وفي إقليم كوردستان في شمال البلاد، قامت مجموعة من القوات الخاصة الأميركية بإنزال بالمظلات لأن البرلمان التركي لم يسمح باستعمال الأراضي التركية لدخول العراق، وقامت هذه القوات الخاصة بإسناد من القوة الجوية الأميركية، بدك معاقل تنظيم "حزب أنصار الإسلام".
سقوط بغداد
وفي ٥ نيسان العام ٢٠٠٣، شنّت مجموعة من المدرعات الأميركية هجوماً على مطار بغداد الدولي وقوبلت هذه القوة بمقاومة شديدة من وحدات الجيش العراقي التي كانت تدافع عن المطار، وبعدد من العمليات الانتحارية ومنها عمليتان قامت بهما سيدتان عراقيتان أعلنتا عن عزمهما القيام بإحدى العمليات من على شاشة التلفاز العراقي.
وفي ٩ نيسان العام ٢٠٠٣ أعلنت القوات الأميركية بسط سيطرتها على معظم مناطق العاصمة. ونقلت شاشات التلفاز الأجنبية مشاهد لإسقاط تمثال لصدام حسين في ساحة الفردوس في بغداد.
عندها تولى القائد العسكري الأميركي تومي فرانكس قيادة العراق باعتباره القائد العام للقوات الأميركية. وفي أيار العام ٢٠٠٣ استقال فرانكس وأعلن في إحدى المقابلات الصحفية انه تم بالفعل دفع مبالغ لقيادات الجيش العراقي أثناء الحملة الأميركية وحصار بغداد للتخلي عن مراكزهم القيادية في الجيش.
بعد سقوط بغداد، دخلت القوات الأميركية مدينة كركوك في ١٠ نيسان وتكريت في ١٥ نيسان ٢٠٠٣، وأحكمت سيطرتها بالكامل على العراق.
"العراق الجديد"
بعدما أحكمت واشنطن السيطرة العسكرية على بلاد الرافدين عيّنت الإدارة الأميركية الدبلوماسي بول بريمر حاكماً مدنياً، ليتم بعدها تشكيل مجلس حكم أقرّ بدوره دستوراً انتقالياً للبلاد، ومن ثم تسلم إياد علاوي رئاسة الحكومة وتولى غازي عجيل الياور رئاسة الجمهورية لفترة انتقالية مؤقتة.
وأجريت في العراق العام ٢٠٠٥ أول "عملية انتخابية ديموقراطية" في تاريخ البلاد الحديث، حيث تم بموجبها اختيار ٢٧٥ نائباً في البرلمان بنسبة مشاركة قاربت الـ٦٠ في المئة، وبعدها تم اختيار إبراهيم الجعفري رئيساً للحكومة وجلال طالباني رئيساً للجمهورية ومحمود المشهداني رئيساً للبرلمان.
قادت هذه العملية السياسية الناشئة للعراق، إلى تقاسم هش للسلطة وكان من وجوهه استغلال القوة الخارجية المهيمنة على البلاد للتركيبة الطائفية لتوزع المناصب على أساسها.
وبرغم تغيّر مشهد العملية السياسية في العراق اليوم نتيجة الأحداث المشار إليها، إلا أنّ الدولة العراقية عرفت نوعاً من التفتت طيلة عقد.
ويأمل العراقيون في الفترة الراهنة من مسار العملية السياسية أن يتخطاها فتخرج الدولة من الواقع المأزوم الذي تعيشه وسط ارتفاع معدلات أعمال العنف، التي وللإشارة تغذيها بيئة ستراتيجية باتت هشة بالنظر إلى الواقع في سوريا وصعود الخطاب الطائفي في المنطقة صعوداً غير مسبوق. إزاء ذلك، يبقى السؤال الشرعي والبدهي الذي يُطرح اليوم بعد ١١ عاماً على الحرب الأميركية، هل كابد العراق والعراقيون نحو عقد من العنف للا شيء؟
بعض أبرز الأحداث
١٩ آب ٢٠٠٣: تفجير انتحاري يدمّر مقر بعثة الأمم المتحدة ويقتل المبعوث الأممي سيرجيو فييرا دي ميلو.
٢٩ آب: مقتل محمد باقر الحكيم في تفجير في النجف.
١٣ كانون الأول: اعتقال الرئيس العراقي صدام حسين داخل حفرة في تكريت.
مطلع العام ٢٠٠٤: تفجر فضيحة (أبو غريب) بعد نشر وسائل إعلام أميركية صوراً تظهر انتهاكات واسعة بحق نزلاء السجن.
٣٠ نيسان: هجوم أميركي واسع على الفلوجة.
٣٠ كانون الثاني ٢٠٠٥: بدء الانتخابات التشريعية.
٢٢ شباط ٢٠٠٦: انفجار قنبلة يلحق أضراراً بمقام الإمام العسكري في سامراء.
٧ حزيران: الإعلان عن مقتل (أبو مصعب) الزرقاوي في ديالى.
٣١ كانون الأول: تنفيذ حكم الإعدام شنقاً في حق صدام حسين.
١٦ أيلول ٢٠٠٧: مقتل ١٧ مدنياً عراقياً بينهم عائلة بنيران شركة بلاك ووتر الأمنية الأميركية في بغداد، وتحقيق أميركي لاحق يخلص إلى أن إطلاق النار لم يكن مبرراً.
٧ تشرين الأول ٢٠٠٨: العراق والولايات المتحدة يتوصلان إلى مشروع اتفاق أمني يحدد نهاية ٢٠١١ كآخر أجل لانسحاب الجيش الأميركي.
٣١ كانون الثاني ٢٠٠٩: انتخابات محلية لإنشاء مجالس المحافظات تمر من دون أحداث عنف تذكر.
٧ آذار: العراقيون يصوتون في ثاني انتخابات برلمانية.
١٩ نيسان: الحكومة العراقية تعلن مقتل قائد تنظيم القاعدة في العراق (أبو أيوب المصري) ومعه قائد "دولة العراق الإسلامية" (أبو عمر البغدادي).
٣٠ حزيران: القوات الأميركية تنهي انسحابها من مدن العراق بما فيها بغداد.
٣١ آب ٢٠١٠: الرئيس الأميركي باراك أوباما يعلن نهاية المهام القتالية الأميركية في العراق.
٢١ كانون الأول: البرلمان العراقي يصادق على حكومة جديدة برئاسة نوري المالكي.
٢٩ آذار ٢٠١٢: قمة عربية في بغداد.
١٥ كانون الثاني: إصابة الرئيس العراقي جلال طالباني بجلطة دماغية ونقله إلى ألمانيا.
٢٧ تموز ٢٠١٣: خروج العراق من البند السابع من ميثاق الامم المتحدة.
١٠ تشرين الثاني: إلغاء صفقة سلاح بين العراق وروسيا بسبب ملفات فساد.
٢١ كانون الثاني: هجوم عسكري واسع للجيش العراقي على تنظيم القاعدة في الأنبار بعد مقتل قائد عسكري وينتظر العراق استحقاقات عديدة في ٢٠١٤ لعل أبرزها الانتخابات التشريعية الثالثة.