ويأتي قرار رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني بإجراء استفتاء، من المقرر أن يجري يوم ٢٥ أيلول المقبل ضمن سياق هذا الصراع الطويل، وقد يفتح هذا الاستفتاء الطريق لانفصال الإقليم عن الدولة العراقية، الامر الذي دفع بغداد للاعتراض على حق تقرير مصير الكرد.
وتؤيد معظم الأحزاب الكردية بالإقليم هذا التوجه نحو "الاستقلال"، باستثناء اثنتين من القوى السياسية بالإقليم، وهما حركة التغيير الكردية، والجماعة الإسلامية اللتان تتحفظان على إجراء الاستفتاء.
وتدعي الأحزاب الكردية أن الأنظمة والحكومات العراقية المتعاقبة، بما فيها تلك التي جاءت بعد سقوط نظام صدام حسين همّشت الأكراد، ولم تنفذ مطالبهم التي وردت بالدستور، ما يجعل من الانفصال الخيار الأفضل بقطع النظر عن حلم الاستقلال الذي لم تنطفئ جذوته.
ودون هذا التوجه الكردي والتلويح بالانفصال، عقبات كثيرة أهمها موقف السلطة المركزية في بغداد، وملف المناطق المتنازع عليها، ومستقبل مدينة كركوك، وشكوك ما بعد استعادة الموصل، وملف النفط، وغيرها. لكن الظروف الإقليمية والداخلية تبدو مواتية لإجراء الاستفتاء والمضي قدما في الاستقلال، وفق ما يراه الكثير من السياسيين الأكراد.
وتعد كركوك، التي يسكنها خليط من الكرد والتركمان والعرب والمسيحيين، واحدة من ابرز المناطق المتنازع عليها بين بغداد واربيل، والتي قد تفجر نزاعاً بين الطرفين في حال اصرار الأكراد على موقفهم من عائدية المدينة لكردستان.
وطبقا للمادة ١٤٠ في الدستور الذي اقر عام ٢٠٠٥، كان يفترض البت في مستقبل كركوك على ثلاث مراحل تبدأ بالتطبيع ثم الإحصاء على أن يتبع ذلك استفتاء محلي بشأن عائديتها إلا أن ذلك لم ينفذ بسبب الخلافات السياسية.
كما لا يمكن فصل وضع الأكراد بالعراق، عن الواقع الكردي بالمنطقة (سوريا وإيران وتركيا خصوصا) وما تشهده من تحولات جيوسياسية عميقة، فقد خضعت القضية الكردية غالبا للمتغيرات بالمنطقة والعالم، وتفاوتت مقاربتها وفقا لطبيعة الأنظمة والحكام والأزمنة.
ويلوح الكرد بالاستقلال منذ أكثر من عامين خصوصا مع تدهور العلاقات مع الحكومة المركزية وسط اصرار على ضم كركوك الى اقليم كوردستان ورفض معظم العرب والتركمان.
وكان بارزاني قد في وقت سابق إن استفتاء الاستقلال سيجرى قبل اجراء مفاوضات مع بغداد بشأن العلاقة المستقبلية بين الحكومة العراقية والإقليم.
ويقول الكرد إنهم سئموا من نهج الحكومات العراقية المتعاقبة منذ تأسيس الدولة في عشرينيات القرن الماضي فيما يتعلق بقضاياهم وحقوقهم ومصيرهم.
ويعد إقليم كردستان شبه مستقل عن العراق، إذ يملك البيشمركة، وهي القوات المسلحة الرسمية، وله حكومة ووزارات وتعاملات اقتصادية وسياسية مستقلة.