وقالت الصحيفة في تقريرها، إن "الاستفتاء محفوف بالمخاطر، لا سيما في كركوك التي تتعدد فيها الأعراق ويطالب العرب أيضا بأحقيتهم بها منذ اكتشاف النفط فيها في ثلاثينات القرن العشرين، حيث ينتج إقليم كردستان حوالي ٦٠٠ ألف برميل من النفط يوميا".
وأضافت، أن "الحكومة المركزية في بغداد وجيران العراق والقوى الغربية يخشون أن يؤدي الاستفتاء إلى تقسيم البلاد وإطلاق شرارة صراع إقليمي أوسع نطاقا وذلك بعد أن تعاون العرب والأكراد في إخراج تنظيم داعش من معقله في مدينة الموصل".
ولفتت الى أن "قتيل واحد قد سقط على الأقل من الأكراد في اشتباكات سبقت الاستفتاء كما أقيمت حواجز أمنية في مختلف أنحاء المدينة لمنع حدوث مزيد من العنف".
ونقلت الصحيفة عن ناظم محمد، أحد سكان الموصل من العرب، والذي هرب إلى كركوك عندما سقطت مدينته في أيدي تنظيم داعش، قوله: "أخشى أن يأتي الحشد ويبدأ القتال في كركوك".
وأشارت الى أن "منتقدين للإستفتاء، يقولون إن نوايا الأكراد كانت واضحة قبل إعلان الاستفتاء، فقد سيطر مقاتلو البيشمركة على كركوك عام ٢٠١٤ بعد أن تركت قوات الأمن العراقية حقول النفط عرضة لسيطرة مقاتلي داعش عليها بعد اجتياحهم شمال العراق".
تعيين الحدود
وأكملت الصحيفة، أن "التوترات بين حكومة إقليم كردستان وبغداد ليست جديدة وترتكز على إيرادات النفط. ويتهم الأكراد بغداد منذ فترة طويلة بالتقاعس عن سداد مستحقات الإقليم في موازنة الدولة في حين تعارض الحكومة المركزية الصفقات النفطية التي أبرمها الأكراد دون موافقتها".
وأضافت، أنه "مع ذلك، عمد الأكراد إلى تعيين حدود إقليمهم في الفترة التي سبقت الإعلان عن الاستفتاء. فمواقع قوات البيشمركة منتشرة في المنطقة لتحمي حقول النفط في ضواحي كركوك".
وأشارت الى أن "الأعلام الكردية ارتفعت في مختلف أنحاء المدينة منذ فصل الربيع وأصبحت الآن ترفرف إلى جانب الأعلام العراقية على المباني الحكومية، حيث يحلم الأكراد منذ الحرب العالمية الأولى بدولة مستقلة ويقولون إنهم أصبحوا مستعدين للقتال في سبيل ذلك إذا اقتضى الأمر".
ونقلت الصحيفة عن كمال الكركوكي، القائد العسكري الكردي المسؤول عن الخط الأمامي في مواجهة داعش في قاعدته في قضاء الدبس، قوله، إن "أرض كردستان ملك للشعب الكردي".
وأضاف "ليس من حق أحد ولا الحشد الشعبي أن يأخذها، سنطلب منهم مغادرة الأراضي الكردية بسلام. لكننا مستعدون للقتال إذا اقتضت الضرورة".
ولفتت الى أن "الصراع على الأراضي محل النزاع صراع مرير. فإذا أعلن إقليم كردستان العراق انفصاله عن بغداد ستقع كركوك على حدود الإقليم مباشرة"، مبينة أن "حقول كركوك تنتج حوالي ربع إنتاج المنطقة من النفط".
وقال جوست هيلترمان مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية: "إذا أراد الأكراد السعي إلى شكل من أشكال الانفصال فستصبح مسألة الحدود ذات أهمية قصوى".
وأضاف: "إذا استمرت بغداد وأربيل في اتخاذ خطوات من جانب واحد فلن تتجه الأمور إلا إلى التصاعد، ولا توجد إحصاءات يعول عليها عن سكان كركوك التي يقول كل من الأكراد والعرب أن لهم فيها الأغلبية السكانية".
الأكراد العائدون
وتابعت الصحيفة في تقريرها: "كان من المقرر إجراء تعداد سكاني في كركوك بمقتضى دستور ٢٠٠٥ الذي وضع بعد عامين من الإطاحة بحكم صدام حسين لكنه لم يتم بسبب مخاطر التوترات العرقية والدينية".
وأشارت الى أنه "خلال حملة الأنفال التي شنها صدام على الأكراد في الثمانينات شهدت مناطق متنازع عليها عملية تعريب قسرية طرد فيها الأكراد من المحافظة. ثم تم توطين عرب من مناطق أخرى في العراق فيها والاستيلاء على بيوت الأكراد وأعمالهم".
وذكرت بأنه "في عام ١٩٨٨ ثارت صيحات الاستنكار على المستوى الدولي عندما شن صدام هجوما كيماويا على مدينة حلبجة الكردية سقط فيه آلاف القتلى".
وأضافت: "تم طرد كثيرين من العرب منذ سقوط صدام عام ٢٠٠٣ الأمر الذي شجع الأكراد على العودة للمطالبة بأجزاء كبيرة من المناطق المتنازع عليها بما فيها كركوك".
وأوضح، أن "حوافز كثيرة أتيحت لمن نزح من الأكراد عن المدينة للعودة إليها في حين انتقل كثير من الأكراد من مناطق أخرى إلى المدينة الأمر الذي أثار غضب أقليات أخرى".
وقال علي مهدي صادق العضو التركماني في مجلس كركوك المحلي "منذ عام ٢٠٠٣ وصل حوالي ٦٠٠ ألف كردي وكثيرون منهم موجودون بصفة غير قانونية هنا. ومن غير الحوار يصبح كل شيء ممكنا. نحن بحاجة لتجنب حرب ستبتلع العراق كله".
"لا شيء يأتي بلا ثمن"
ووجه صادق أصابع الاتهام إلى المحافظ كريم الكردي، الذي عاش أكثر من ٣٠ عاما في الولايات المتحدة، فيما وصفه بـ "تمييز كردي تجاه الأقليات".
وقال المحافظ إن "الأكراد سيضمنون حقوق الأقليات" مشيرا إلى "استقرار نسبي في إقليم كردستان على النقيض من بغداد التي تكثر فيها التفجيرات الانتحارية".
وأوضحت الصحيفة، أن "تأييده (محافظ كركوك) للاستقلال الكردي يصيب الأقليات بالقلق. فقد رفض الجلوس خلف علم عراقي خلال مقابلة وفضل العلم الكردي عليه وقال إنه سيمزق جواز سفره العراقي ما إن يتسلم جواز السفر الكردي، كما استهزأ بقرار عزله الذي أخذه البرلمان العراقي الأسبوع الماضي ووصفه بأنه قرار غير قانوني"، مضيفا أن "اليوم يوم فخر عنده".
وأوضحت الصحيفة، أنه "تحسبا لما قد يحدث من اضطرابات عمل بعض سكان كركوك على تخزين المواد الغذائية الأساسية مثل الطحين (الدقيق) والأرز والحليب".
وقال عربي يدعى علي حمزة (٢٧ عاما) ويدير متجرا صغيرا للأقمشة في المدينة القديمة "منذ أعلنوا عن الاستفتاء لم أستقبل أي زبائن تقريبا. السوق خامد"، منوهة الى أن "عدداً من الأكراد أيدوا استفتاء الاستقلال لكنهم قالوا إنهم يخشون وقوع اشتباكات بعد ذلك".
وفي مواجهة مخاوف الناس من الاشتباكات والمشاكل الاقتصادية، قال المحافظ كريم إنه عند اتخاذ خطوة كبيرة مثل الاستفتاء "فأي شيء ممكن". وأضاف "لا شيء يأتي بلا ثمن"، وفق ما ذكرت "الشرق الأوسط".