في خطابه التاريخي بمناسبة تأسيس حزب البعث العربي الإشتراكي في السابع من نيسان, والذي وجهه الى أبناء الأمة العربيةوالشرفاء في العالم تحدث الرفيق عزة الدوري القائد العام للقوات المسلحة العراقيةبصوته المرتجف الى الشعب العراقي العظيم المحكوم من قبل عملاء إيران كما يصفهم ,والذينيعملون على مساعدة الصفويين ليبتلعوا العراق محذرا من سياساتهم التي تعمل على نشرالتشيع الصفوي ! . وفي العراق غالبية من السكان الذين يخاطبهم رفيق عزت يعتنقونالمذهب الشيعي الذي درسناه منذ الصغر ولم نفهم على الإطلاق هكذا توصيف تسقيطي,فالتشيعواحد في كل بلدان العالم تشوبه إعتقادات جانبية ,وهو ما يجعله شريكا في ذلك معبقية المذاهب السنية ,والديانات المتشظية في العالم.
الرفيق عزت ينصب نفسه قائدا عاما للقواتالمسلحة العراقية (إين هذه القوات)؟ ويعد نفسه الوريث الشرعي لنظام صدام حسين,وتركته المأساوية ، ويوجه الخطاب الى شعبكان ينتظر الفرصة للخلاص ، والى قوات يشتكي الساسة السنة إن غالبيتها من الشيعة ،فهليريد الرفيق عزت من الشيعة أن ينقلبوا على أنفسهم ، ويعيدوا الفرق الحزبية فيبغداد والكوت والعمارة والناصرية والبصرة والسماوة والديوانية والنجف وكربلاء وأقساممن ديالى وكركوك والموصل وصلاح الدين,وينقلبوا على نظام لهم ليعيدوا نظامه الذيطواه الزمن؟ الرفيق عزت يمجد ثورة الشعب السوري ضد نظامه, لكنه يرفض إسقاط حكمالبعث, ويشتم الذين يدعون الى الحل العسكري ، ودعاة الحل هم (دول الخليج), وخاصةملك السعودية وأمير قطر ! لكنه يعود ويمتدح أخاه الملك عبد الله لموقفه من اليمن .وهذا تناقض واضح في التعبير عن المشاعر تجاه الرجل الذي أسقط البعث في العراق,ويريد إسقاطه في سوريا ! لكن الواضح إن موقفاً يتعلق بالذات هو الذي يدفعه للشكربهذه الطريقة ، فالرفيق عزت يقيم على ما يبدو في اليمن, وكان ممكناً أن (يروح فيالرجلين) لو إن نظام علي عبد الله صالح سقط على طريقه ثوار صنعاء ، لكنه بقيسالماً معافى بإعتبار إن الخطة السعودية حفظت ماء وجه الرفيق علي وأبقت الرفيق عزتومن معه من المناضلين على حالهم في اليمن السعيد .
الرفيق عزت حكم العراق ورفاقه الأشاوس لأكثر منثلاثة عقود من الزمن وأدخله في صراعات مع الحركة الوطنية ، والحركات الإسلامية ،وأعدم عشرات العلماء والآلاف من المعارضين ، وخاض حرباً عبثية مع إيران لثمانيسنين, ذهب ضحيتها الملايين من البشر ، وخسر فيها العراق مئات المليارات من الدولارات نيابة عن الغرب ودولالخليج التي إنقلبت عليه بعد نهاية الحرب بأشهر ، ثم إنقلب عليها ليحتل الكويت ،ثم ليدخل البلاد في حصار إستمر لثلاثة عشر عاماً من الذل والجوع والحرمان والقهر.
وها هو يأتي مجدداً ليخاطب شعبا كاملا ,ويهينه ,ويقولله ,(أنتم شعب شيعي صفوي) ولا ندري كيف له أن يحكم شعبا مخالفا وكافرا كالشعبالعراقي ، ويعلن نفسه قائدا عاما لقوات مسلحة ٩٩% من أفرادها وقادتها من الشيعة ؟هذه التناقضات المريبة في خطاب الرفيق تشير الى إنه مجرد ورقة تم إخراجها هذهالأيام في إطار الحرب الطائفية ليتم اللعب بها في مواجهة خصوم آخرين ,الرابحالاكبر من وراء غخراجها هم الشيعة ورئيس الوزراء نوري المالكي الذي سيجد المبرراتالكافية بعد هذا الخطاب الغبي ليمارس سياسة مغايرة أو أكثر حدة يكون ضحيتها منيغني الرفيق عزت بمظلوميتهم وهم السنة الذين لايعترفون بسيادته عليهم ولابتمثيلهلهم خاصة أنهم وسواهم من مكونات ملوا التمثيل والتنكيل بإسم الطائفة والقومية، وإنهاليست ورقة عراقية ، بل مضادة ويجب الحذر منها فليس مقبولاً أن يقدم الساسة أنفسهملدول الجوار العربي والإقليمي ليكونوا أدوات بأيديهم, وسواء كان هؤلاء الساسة منافراد النظام السابق أو الحالي, وسواء كانوا من الشيعة أو السنة فلقد نجح القادةالعراقيون السنة لعدة سنوات في الترويج لخطاب إستقبلته أوساط نخبوية إجتماعيةوسياسية إتهموا فيه القادة الشيعة بالعمل لصالح المشروع الإيراني ، لكنهم الآنيمضون بسرعة الصاروخ ليكونوا جزءا من المشروع الخليجي الطائفي المصطدم بالمشروعالإيراني ، وهذا الأمر مكن القادة الشيعة ليضحكوا كثيرا بعد أن قدم لهم نظراؤهمالسنة خدمة مجانية ، وكأنهم يقولون (كنا نتهمكم بالطائفية والعمالة لإيران ،وبإمكانكم أن تتهمونا بالطائفية والعمالة لتركيا ولدول الخليج ) ملاحظة..
منذ فترة تحدث الداعية الإسلامي السني الشهير أحمد الكبيسي عن الخلاف بين السنةوالشيعة ،مخاطبا بعض الغلاة ,قائلا لهم . إذا كنتم تتهمون الشيعة بالرافضة ، فأنتمأسوأ منهم حين تحولتم الى نواصب ، فهم يوالون علياً ويحبونه ، وأنتم توالون معاويةوتحبونه ، وشتان بين علي ومعاوية ، كالفرق بين الثرى والثريا..لم يوفق الشيخ,فالشيعة قالوا له.لاجديد فنحن نعرف ذلك,الفرق إنه خسر مساحته في المنظومة السنية...
نحن نحتاج الى عدة سنوات ، والى تشكيل لجانمتخصصة لدراسة فكر الرفيق عزت الدوري الذي لا يمكن فهمه بسهولة ليس لأنه عصي علىالفهم ، إنما لأننا لا نمتلك رجالاً أفذاذاً في الفلسفة والمعرفة الفكرية ليحللواويفسروا مضامينه العميقة ، ولا حول ولا قوة الا بالله.