قامت وحدة المعلومات بفحص اغلبية البلدان في العالم في نهاية ٢٠١١ من اجل تقرير وضع الديمقراطية. نظرت الوحدة الى كل بلد و اقليم بناء على خمسة معايير هي: العملية الانتخابية و التعددية، الحريات المدنية، الحكم، المشاركة السياسية، و الثقافة السياسية. خصص لكل معيار درجات من صفر الى ١٠ حيث يمثل الصفر درجة سيئ. تلك الدرجات تحدد ما اذا كان البلد ديمقراطيا بالكامل او ان ديمقراطيته فيها خلل او هجينة او تسلطية. على الاجمال، وجدت الوحدة ان هناك ٢٥ ديمقراطية كاملة، ٥٣ ديمقراطية فيها عيوب، ٣٧ نظاما هجينا و ٢٥ نظاما تسلطيا. كما وجدت، بشكل عام، ان هناك انتكاسات في الديمقراطية في عدة بلدان خلال العام الماضي. فالكثير من البلدان كانت تتخذ اجراءات صارمة ضد مواطنيها، و تحدد الحريات بضمنها حرية الاعلام. في تلك الدراسة كان العراق في مرتبة الانظمة الهجينة، حيث كان تسلسله ١١٢ من بين ١٦٧، و جاءت بروندي في التسلسل ١١٣ و هاييتي ١١٤ و مصر ١١٥، مما يجعل العراق متجها الى قعر الانظمة الهجينة. كانت درجاته ٤.٠٣ حيث حصل على ٤.٣٣ في العملية السياسية و التعددية، و على ٠.٤٣ في الحكم و ٧.٢٢ في المشاركة السياسية و ٣.٧٥ في الثقافة السياسية و ٤.٤١ في الحريات المدنية. كانت اعلى درجات العراق هي ٧.٢٢ في المشاركة السياسية لأن اقبال الناخبين كان عاليا نسبيا، و كانت اسوأ درجاته في الحكم. السبب في ذلك ان حكومة بغداد تتميز بكونها فاسدة و غير كفوءة. فمثلا، وضع البنك الدولي العراق بالتسلسل ١٦٦ من بين ١٨٣ بلدا في سهولة ممارسة انشطة الاعمال خلال العام الماضي بسبب الخطوات و الترتيبات التي على الشركة المرور بها من اجل العمل في البلاد. كما وضعت الشفافية الدولية العراق ضمن اكثر ثمانية بلدان فاسدة في العالم خلال عام ٢٠١١ و هو تحسن بسيط عن العام الذي سبقه الا ان ذلك لا يدعو الى التباهي. ربما حصل العراق على درجة متوسطة في الانتخابات و الحريات المدنية بسبب المشاكل المتعلقة بكلا المجالين، فالانتخابات البرلمانية لعام ٢٠١٠ تميزت بحظر مشاركة المرشحين الذين لديهم ارتباطات بحزب البعث او المتهمين بالتحايل او اعادة الفرز في بغداد و الشكاوى الخاصة باعادة الفرز و المشاحنات السياسية العميقة بين القوائم الفائزة التي اعاقت تشكيل حكومة جديدة حتى كانون الاول. كما ان العراق معروف بارتكاب قواته الامنية الانتهاكات و التعذيب و بكونه مكانا يسبب مخاطر لوسائل الاعلام، بالاضافة الى قمع تظاهرات ربيع العرب في العراق عام ٢٠١١ باستخدام القوة. بالمقارنة مع بقية بلدان الشرق الاوسط و شمال افريقيا، فإن العراق كان يتجه للقمة لأن الاقليم يحوي العديد من الحكومات التسلطية. من بين البلدان الاربعة عشرة في الاقليم، كانت اسرائيل هي الاولى بمعدل ٣٦ و بدرجة ٧.٥٣ و هذا يكفي لجعلها من الديمقراطيات التي فيها عيوب. ثم تأتي خمسة انظمة هجينة بدءا بتونس ثم لبنان ففلسطين ثم العراق و مصر. أخيرا تأتي اغلبية البلدان التي تعتبر تسلطية بدءا بالاردن ثم المغرب و الكويت و ليبيا فالجزائر و عمان و البحرين و الامارات العربية و اليمن و ايران و العربية السعودية في اسفل القائمة.كان هناك تغير بسيط في الشرق الاوسط و شمال افريقيا من عام ٢٠١٠ الى ٢٠١١. لم تكن هناك ديمقراطيات كاملة في كلا العامين و بقيت اسرائيل البلد الوحيد بديمقراطية فيها عيوب. الاختلاف الوحيد هو انتقال تونس من نظام تسلطي الى هجين، و بقي العراق بمعدل ١١٢ لكلا العامين مع تحسن درجاته من ٤.٠٠ عام ٢٠١٠ الى ٤.٠٣ في ٢٠١١. بشكل عام، كان الشرق الاوسط و شمال افريقيا اقل اجزاء العالم ديمقراطيةً حسب وحدة معلومات الايكونومست بوجود ١١ من بين ١٤ بلدا تسلطيا. كان ذلك رغم الربيع العربي الذي جاء بنتائج مختلطة، فبينما شهدت تونس تحولا كبيرا فإن مستقبل مصر و ليبيا لازال معلقا في الهواء، اما سوريا و البحرين و اليمن و العراق فانها تقمع المتظاهرين. لقد ساهمت الثروة النفطية الموجودة في المنطقة في الوصول الى هذا الوضع لأنها خلقت حكومات ثرية و قوات امنية كبيرة الحجم، لا تعتمد على السكان في دفع الضرائب لذلك فإن هذه الحكومات لا تحسب لهم حسابا. يجد العراق نفسه في موقف صعب وجها لوجه مع شكل حكومته. و على الرغم من اجراء عدة انتخابات في البلاد منذ عام ٢٠٠٥، فإن السياسيين العراقيين لا يستجيبون لناخبيهم. الاحتياطي النفطي الكبير للعراق يضعه في تنافس اكبر مع الانظمة العربية و النظام الايراني الاكثر قمعا لأن الحكومة لا تحتاج الى الشعب في اي شيء باستثناء اصواته. الايرادات النفطية الضخمة تسمح للوزراء و غيرهم من مسؤولي الحكومة – الذين يتسابقون كالاقطاعيين من اجل خلق انظمة وصاية شخصية - بالحفاظ على اتباعهم و مؤيديهم. اما الافتقار الى المساواة فتثبتها حقيقة ان العراق يعتبر من بين اكثر عشرة حكومات فسادا في العالم على مدى السنوات الماضية، و لم تجر مقاضاة اي مسؤول كبير في اية حالة من حالات الفساد. كل ذلك يعني ان العراق من المحتمل ان يبقى نظاما هجينا لا يمكن اصلاحه او تحسينه مادام يحصل على الكثير من الاموال من موارده الطبيعية.