وقال بالطيب في تصريح لاذاعة "شمس أف أم" التونسية ان "شيوخ الدين الحاليين متطرفون ومتأثرون بالفكر الوهابي السلفي".
واعتبر بالطيب ان تصريحات البعض بإعادة التدريس في المساجد هو دليل على "تخلف علماء الدين الحاليين"، مطالبا بعدم استغلال جامع الزيتونة لتدريس العلوم الاسلامية وانجاز مدارس خاصة لكل من يرغب في ذلك.
وأعلن في العاصمة التونسية في أبريل/نيسان الماضي اعادة فتح التسجيل للتدريس بجامع الزيتونة أحد ابرز منارات الدين الاسلامي المعتدل في شمال افريقيا في السابق بعد اغلاق استمر عقودا سعيا لمواجهة التشدد الديني الذي تقوده تيارات سلفية منذ اندلاع ثورة تونس العام الماضي.
ومنذ اندلاع الثورة في ١٤ يناير/كانون الثاني الماضي برزت جماعات سلفية متشددة دعت الى اقامة دولة اسلامية وهاجمت دور سينما ومثقفين قبل ان تشهد تونس مواجهة نادرة بين قوات الامن وعناصر سلفيين قتل خلالها عنصران.
ووسط حضور اهالي مدينة العتيقة تم فتح الاقفال الموضوعة على ابواب الهيئة العلمية للجامع باذن قضائي انهى اغلاق هذه المؤسسة الذي استمر في حكم الرئيسين العلمانيين السابقين لتونس الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي.
وجامع الزيتونة أول جامعة في العالم الاسلامي بدأت دروسها قبل ١٣٠٠ سنة. ولم يكن المعمار وجماليته الاستثناء الوحيد الذي تمتّع به جامع الزيتونة بل شكّل دوره الحضاري والعلمي الريادة في العالم العربي والاسلامي اذ اتخذ مفهوم الجامعة الاسلامية منذ تأسيسه وتثبيت مكانته كمركز للتدريس وقد لعب الجامع دورا طليعيا في نشر الثقافة العربية الاسلامية في بلاد المغرب.
ومن ابرز رموز الزيتونة الشيخ الطاهر بن عاشور والطاهر الحداد وعبد الرحمن ابن خلدون وكلهم اصحاب افكار متحررة تدعو الى التسامح ونبذ العنف واعطاء المرأة مكانا رياديا في المجتمع.
وعلى صعيد آخر دعا رياض الصيداوي النخب التونسية الديمقراطية إلى التحرك السريع وطالب وبفاعلية "من أجل "حماية النموذج الديمقراطي من القوى المتطرفة".
وشدد الصيداوي على أن تحرك "النخب الحداثية إزاء ظاهرة الإسلام الأصولي السلفي يجب أن يشمل مجالات الإعلام والمؤسسة الدينية الزيتونية والتراث التونسي المقاوم والسياسي والإصلاحي".
وتتطابق رؤية الصيداوي مع السياسيين والناشطين التونسيين الذين يرون أن النهضة يشقها تيار سلفي متشدد يقوده رئيس الحركة السابق الصادق شورو الذي كان دعا إلى تطبيق حد الحراب على المتظاهرين ضد الحكومة كما قاد تيارا للضغط على المجلس التأسيسي من أجل التنصيص في الدستور الجديد على أن الشريعة هي المصدر الاساسي للتشريع".
وكان الداعية يوسف القرضاوي أدى من ٣ إلى ٨ أيار/مايو الحالي زيارة إلى تونس بتكليف من أمير دولة قطر من أجل "دعم الإسلاميين دينيا وسياسيا".
وأثارت الخطب التي ألقاها القرضاوي غضب السياسيين والناشطين التونسيين لما تضمنته من "تحريض على العنف" حتى أن عضو مجلس إدارة "رابطة العالم الإسلامي" (منظمة إسلامية عالمية مقرها السعودية) المحامي محمد بكار أقام دعوى قضائية في تونس ضده وطلب من السلطات اعتقال القرضاوي بموجب قانون مكافحة الإرهاب التونسي الصادر في ٢٠٠٣.
وتعيش النخب التونسية الفكرية والسياسية العلمانية منها والإسلامية "حالة قلق" حقيقية نتيجة تصاعد عنف المجموعات السلفية التي انتهكت الحريات الفردية والعامة وهاجمت الفضاءات الثقافية والفنية وغيرها، وكان آخرها مطار تونس قرطاج الذي اقتحمه السلفيون احتجاجا على منع السلطات قياديين في تنظيم القاعدة من دخول الأراضي التونسية.
وقال جمال أسعد المفكر القبطي في تصريح لموقع "اليوم السابع" على خلفية اعتداء السلفيين على مجموعة من المسرحيين أن ما يحدث في تونس يعني أن هناك تنظيما سلفيا يتجاوز حدود الدولة وقوة مالية تقوم بتمويله بهدف صبغ المنطقة بالصبغة السلفية الوهابية، موضحا أنه من المعروف أن السعودية وبعض بلاد الخليج هي التي تمول هذه الجماعات، ليس بهدف التمويل لجماعة دينية إسلامية، ولكن بهدف السيطرة السياسية والاقتصادية لهذه الجماعات.
وأكد أسعد أن ما يحدث في تونس مؤشر على تصاعد خطير وأنه "أمر يسيء إلى الإسلام وقيمه حتى ولو كانت هذه الممارسات تتم تحت شعارات إسلامية، لذا يصبح على التيارات الإسلامية المعتدلة أن تعالج هذه المواقف، حيث إن هذه السلوكيات تسيء للمد الاسلامي بمجمله".
وفي مجتمع مسلم ذي تجربة علمانية قادت نخبه منذ نصف قرن تجربة حداثية تكاد تكون الأولى من نوعها في العالم العربي باتت الجماعات الإسلامية التي ينشط أغلبها بكثافة في إطار "جمعيات خيرية" تهدد مقومات الدولة المدنية وقيم العلمانية والتسامح والتعايش وأصبحت "قوة عنيفة" لا تتردد في تكفير التونسيين واستهداف المبدعين.
وأمام "سطوة" السلفيين في ظل صمت الحكومة التي تقودها حركة النهضة أطلق مفكرون تونسيون مثل محمد الطالبي والصادق بلعيد ورياض الصيداوي صيحة فزع لحماية "مرحلة الانتقال الديمقراطي" من تحويل وجهتها من قبل "أصوات التطرف والظلامية" التي تحمل فكرا "فاشستيا".